[email protected]
الأمومة والأبوة مملكتان «عدل» تحت مظلة التقوى!
العدل بين الأبناء.. قضية حيوية حساسة!
انتبه أيها الأب!
انتبهي أيتها الأم!
إخواني المربين الكرام في داخل الكويت وخارجها: كلنا مؤتمنون على الأبناء «العيال» صغارا كانوا أو كبارا، اللهم إلا قلة عزلت نفسها بعقوقها والعياذ بالله!
من القضايا الحياتية الملحّة العدل بين الأبناء في الحب والعطية وفي المأكل والملبس وحتى في «القُبلة»!
هناك بعض الأمهات والآباء قد يعلمون «أثر» هذا التفريق الجائر لأنه يولّد الشحناء والبغضاء والكراهية أو الانتقام أو الانحراف أو الشذوذ!
كلنا قرأ ويتذكر قصة «إخوة يوسف» كيف جرهم تصورهم الخبيث للانتقام من نبي الله يعقوب عليه السلام بظنهم أنه يحب يوسف أكثر منهم؟
وعلمنا من تفاصيل القصة كيف تآمروا على قتله أو رميه في «الجُب»، وما نسميه البئر باللهجة الكويتية «جليب الماي»!
في الكتاب والسنة بيان دقيق لمعرفة كيفية التعامل مع الأبناء بالعدل! والحكم الشرعي لأنواع الأعطيات بين الأبناء وثمرات تطبيق العدل!
الدليل القرآني يتمثل في هذه الآية: (يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداءَ لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا.. النساء 135).
العدل بين الأبناء ضرورة، فهذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالعدل وان نكون من المقسطين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن ـ عز وجل ـ وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا» رواه مسلم.
العدل من اسماء الله وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم، والعدل بالحق يعني ان يقضي بالحق، والعدل بينه وبين الخلق وهذا خلاصته ان الله عز وجل عدل وهو عادل وضد الجور.
والأمر بالعدل جاء في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون.. النحل 90).
وفي السنة المحمدية هناك مئات الشواهد من الأحاديث والأقوال التي تحث على العدل في كل جوانب الحياة وأداتنا الرحمة وصولا الى العدل المطلوب بعيدا عن «الميل الإنساني»!
هذه رسالتي أرجو من الآباء والأبناء قراءتها بتمهل وفهم وادراك، راجين جميعا ان ندخل «رحمة الله» وتتسع لنا سعتها لفهم المراد فسبحان الله العظيم.
هناك قلوب أضاعت «الأبناء» وبخسوهم حقوقهم وتم التفاضل بينهم وحدثت الكراهية والعداوات بين الأسرة الواحدة والأبناء وحدث ما لا تحمد عقباه، للأسف الشديد!
انظروا الى أبيات شعر الشاعر الألمعي عمر بهاء الدين الأميري عندما شاهد فراق ابنائه وهم يرتحلون من حلب، وهذه آخر أبيات القصيدة يقول:
دمعي الذي كتمته جلدا
لما تباكوا عندما ركبوا
حتى اذا ساروا وقد نزعوا
من اضلعي قلبا بهم يجب
ألفتني كالطفل عاطفة
فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل
يبكي ولو لم أبك فالعجب
هيهات ما كل البكا خور
اني وبي عزم الرجال أب
ومضة: اليوم هناك آباء وأمهات يعطون ابنا او ابنة ويتركون الباقي، وهذا قد اختلف فيه العلماء وفقهاء الدين ورجال الشريعة فمنهم القائل بالتحريم في العطية بغير اذن الباقين وهذا قول الحنابلة وبعضهم قال بالكراهة اذا لم يكن للتفضيل سبب وهذا منقول عن الحنفية والشافعية.
والقول بالكراهة المشهور عن المالكية وقال بعضهم بجواز التفضيل ان لم يقصد به المضارة وهو قول عند الحنفية والقول المختار والمذهب المرجح بين هذه الاقوال هو القول بالتحريم في المفاضلة ووجوب التسوية والعدل بين الأبناء في العطية وهو قول الحنابلة ولهم أدلتهم في ذلك، اما بقية الأقوال فلا تقوم أدلتهم لترجيح ما ذهبوا إليه من الكراهة او جواز التفضيل.
آخر الكلام: طبعا أدلة التحريم كثيرة ولا تتسع لها مساحة المقالة لأن التفريق بين الأبناء في العطايا والانسان حي يرزق يورث العداوات وهو من الجور والظلم. آن الأوان ان تقوم قطاعات المجتمع المدني خاصة الشرعية منها بتنوير الناس وبيان انتشار هذه الظاهرة اليوم وانها تؤدي الى قطع الارحام، والواجب درء المفاسد!
زبدة الحچي: على المربين وقادة المجتمع من الثقات والناشطين اليوم في «الميديا» بيان خطورة هذه الظاهرة، فالتفريق بين الأبناء يزرع الكراهية والعداوة بينهم وربما تمتد هذه العداوة من الأصول إلى الفروع.
ايتها الأم الكريمة،
أيها الأب الكريم الجزل،
لقد حدد الشارع لك أمرك في العطايا فلا تكن سببا في تفريق أولادك وبناتك على «زاهيد الدنيا»!
ان قضية عدم العدل بين الأبناء من القضايا المؤلمة التي تتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق سواء كان المرتجع منه صغيرا او كبيرا لذلك «حدها» الشارع بالكثير من الاهتمام وقعد لها القواعد التي تنظم علاقة المعطي والآخذ!
أيها القارئ الكريم في كل مكان لنكن جميعا في كنف المحبة الإلهية ولنتق الله عز وجل في عيالنا ولنتذكر ان هناك «عقابا» للجائرين فلا تخسر دنياك وآخرتك!
أيها الآباء في كل مكان «أقيموا ميزان العدل» تجنوا ثمار ما طبقتم وان أسأتم بعدم الالتزام بالعدل بين الأبناء فسوف تجنون الحسرة والندم ان عاجلا او اجلا!
في أمان الله.