[email protected]
صعب عليَّ ككاتب وصحافي أن أكتب مساحة ضيقة عن روائية وأديبة وباحثة ألمعية هي الأبرز في نظري في أسماء المبدعات العربيات رائدات (الإبداع النسوي الواثق)، وهي من وجهة نظري على الدوام صاحبة «قلم مبدع» كتب الرواية الكويتية بكل مفرداتها الجميلة والقصة التشكيلية، وأيضا دخلت الصحافة والإعلام من أوسع أبوابه!
فاطمة يوسف العلي (زميلة رفيقة درب صحافي وأدبي) عبر أكثر من 47 عاما من عطاء الإبداع في الرواية سواء كانت «وجوه في الزحام» أو مجموعتها القصصية (دماء على وجه القمر) وغيرهما الكثير من الكتب والمطبوعات.
أطلق عليها لقب «الكاتبة الصغيرة» يوم أصدرت روايتها «وجوه في الزحام» عام 1971 وعلى الرغم من (قلة إنتاجها) فإنها سيطرت في فترة من الزمن على اهتمام كبار النقاد في الوطن العربي والكويت بالرصد والتحليل والتأمل!
فاطمة يوسف العلي عرفها جيلي المخضرم من خلال إصدار كتاب عن المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله السالم، وهو الذي أسس الكويت الحديثة وأعلن الاستقلال وأنشأ المؤسسات الدستورية وشجع على تعليم المرأة، وقد حاز الكتاب انتشارا واسعا داخل الكويت وخارجها.
كما أن الزميلة أم ناصر هي زوجة أستاذنا الكبير صالح الشايجي وقد رزقت بأربعة أبناء وهم يتمتعون بملكات فنية وأدبية وإبداعية فكلا الأبوين أستاذ في مجاله وتخصصه وتجمعهما «الكتابة» في الصحافة.
إذا ما خانتني الذاكرة انها فازت بأكثر من جائزة وكُرّمت في الكثير من الملتقيات والمؤتمرات في أبها وتونس والقاهرة.
يعجبني في تاريخها رفضها أن تترك الكويت ابان الاحتلال العراقي الغاشم ولعلها جسدت هذا كله في إصدارها الرائع (دماء على وجه القمر)، وهي نصوص لثماني قصص موجهة الى الناس خارج الكويت لأنها تريد أن تخاطب العالم وشعوبه ليساندوا «بلدها المحتل»، مشيدة بالمقاومة الشعبية التي اشتعلت في الداخل!
استطاعت فاطمة العلي أن تختزل صورا فظيعة من معاناة الكويت من خلال النصوص لتحول المشهد الى معادلة سياسية ولتحقق المعادلة الصعبة في تحريك الوجدان العربي والدولي في آن واحد!
كرّست الزميلة فاطمة العلي نفسها خلال مسيرتها الأدبية والإعلامية كي تكون «سفيرة» لبلادها بفكرها واستطاعت بأعمالها ومواقفها الفكرية أن تستقطب المثقفين من حولها لطرحها «قضايا» ذات أولوية في عصرها الزاهر وهي الخبيرة بالقصة الروائية باعتبارها المدافعة عن فكرها وكل ما يتعلق بالمرأة وقضاياها في الثقافة والأدب والإعلام.
بالفعل كانت أنموذجا مشرفا وترجمة صادقة للمرأة الكويتية المبدعة بحسن ثقافتها ومواقفها وحضورها الفكري المتوهج وشخصيتها المستنيرة ومشاركاتها في كل الفعاليات والملتقيات الثقافية والأدبية والإعلامية.
ومضة: هذه الشخصية الكويتية الثرية فكرا بوصفها صاحبة الريادة في الكتابة الروائية ألا تستحق التكريم؟!
أعتقد الإجابة من كل العقلاء المتابعين تبدأ بـ«نعم» ثم عرض أسباب تكريمها!
أولا: سجلت الأولوية في الإنتاج الأدبي النسائي في حراكها الإنتاجي الذي بدأ مبكرا 1971.
ثانيا: هي امرأة مبدعة استطاعت أن تفكر وأن تبدع في كل أعمالها الأدبية والفكرية.
ثالثا: حددت مسارها بخصائص وسمات خاصة بها أولاها إنسانيتها!
رابعا: صاحبة رأي ولها رصيدها الأدبي المنشور ومقالاتها وبرزت على مستوى الكويت والخليج العربي والعالم الخارجي.
خامسا: في كل صراعاتها الأدبية التزمت (خطا ثابتا) من الرؤية الواثقة والبعد عن الجدل وبقدر كبير من تحمل المسؤولية.
سادسا: احتلت فاطمة العلي المشهدين الدولي والعربي في المنتديات والمؤتمرات الأدبية النسوية وكل الفعاليات دون غرور أو زهو، وسجلت إصداراتها في مختلف الفنون أداة الدفاع عن نفسها بجدارة كونها مبدعة ورائدة وناشطة لها علاقة بالمفاهيم النقدية.
آخر الكلام: ربما عشقها للأدب والثقافة أزعج (كارهي النجاحات) فأرادوا النيل منها! لكنها في كل الصراعات أثبتت شجاعتها وقدرتها على صد الكرات المرتدة!
زبدة الحچي: تبقى الحقيقة أن الزميلة فاطمة يوسف العلي إحدى رائدات الإبداع النسائي الكويتي والعربي على مستوى العالم!
أنا أراها صنعت التوازن في حياتها فلبيتها نصيب زوجة وأمًّا وأراها أيضا نجحت في مشوارها الإبداعي المهني رغم الصعاب التي قابلتها!
لقد عانت (أم ناصر) ممن يخلطون الحابل بالنابل، لكنها استطاعت أن تشق طريقها ناجحة في الوصول الى الأهداف المرجوة رغم أن هناك «قوى خفية» حاربتها وحاولوا جاهدين مصادرة حقها في الريادة الإبداعية كصاحبة أول رواية نسائية في الكويت!
فاطمة يوسف العلي.. لك أن تفرحي بإنجازاتك كلها ولا أقول هذا مجاملة، فالقارئ سيشاهد معي غلاف كتابك ليعرف حجم إنتاجك القيّم.