[email protected]
وترجل فارس مادة اللغة الإنجليزية في قاعات المدارس والميدان التربوي..
ربطتني الحياة برجل قلّ مثيله.
رحل الشيخ احمد عبدالعزيز الفلاح بعد ان استردّ الله عز وجل أمانته فيه.
عرفني به أخي الأستاذ المربي فيصل التمار.. واستمرت العلاقة الأخوية..
أحببت هذا الرجل لأنه امتداد لمدرسة عظماء عرفتهم في حياتي، أولهم العم يوسف جاسم الحجي ـ أطال الله عمره في صحة وعافية ـ والعم عبدالله المطوع، والعم يوسف الفليج، ود.عبدالرحمن السميط، والأستاذ نادر النوري، وعبداللطيف الهاجري وأعمام يصعب حصرهم في هذه المساحة الصغيرة.
عندما كتبت العنوان ظهر الخميس الماضي، دمعت عيناي ورميت بالقلم بعد أن جال في خاطري كثير من المواقف والدروس مع هذا «الفقيد المُفتقد» الأستاذ المربي أحمد عبدالعزيز الفلاح ـ بو يوسف ـ الذي ناظرته خلال السنوات الخمس الأخيرة صابرا على مرضه، متحاملا، يظهر للناس ضحكته وبسمته، وتحمل روحه ألما وصبرا على المرض!
رحل معلم اللغة الإنجليزية والشيخ الداعية المتصالح مع نفسه والآخرين، وحتى مع خصومه، صعب وصفه وأصعب رثاؤه!
أتذكره بعد التحرير، عانى الأمرين من سهام الاتهامات، وكان دائما يقول بأنه سينال البراءة في آخر الأمر، وقد حصل!
70 عاما من العمر، قضى منها 60 عاما في العمل الخيري، وتقولون كيف؟
نعم، بدأ باكرا في ممارسة العمل الخيري، لأن «جدته» ـ رحمها الله ـ كلفته بمهام خيرية منذ صغره، وكان ـ رحمه الله ـ بارا بوالديه وجداته وأرحامه وحتى بالعاملين معه وكل من عرفه، وهو كان كثير السؤال وكثيرا ما تلقيت من تلفونات خاصة في «السنتين الأخيرتين» حول نقابة الخطباء، فلقد كان حريصا على إيصال رسالتها للدولة والمجتمع.
كان كثير الاتصال بكل أصحابه، وأنشأ مجاميع (قروبات)، وكان يتحمل مسؤولية ربط الفرد بالجماعة، ولم يثنه مرضه أبدا، وكان على الدوام طودا شامخا لخدمة وطنه ودينه وعقيدته، وفارسا من فرسان العمل الخيري والدعوي والتطوعي.
مسيرة المربي الفاضل الشيخ أحمد الفلاح حافلة بالمحطات والإنجازات، وقد شهدت الكثير من هذه المحطات، سواء في وظيفته كمعلم ومربٍ وأستاذ أو كرمز عامل في المجال الدعوي والخيري، ونجاحات لا حصر لها في إدارة الانتخابات والتعاونيات وحملات الحج، وجهوده في حملة الخالد والرومي وغيرها كثير يصعب حصره، وكان على الدوام سيفا مجربا لكل المهام.
أتذكر بعد عودتي من أفغانستان والبوسنة وكشمير، كنت أحرص على زيارته يوم كان في لجنة الدعوة الإسلامية والمناصرة والرحمة أو في جمعية الإصلاح الاجتماعي، غير أنني لن أنسى عندما زرته عقب عودتي من البوسنة والهرسك وعرضت عليه «صور المغتصبات والأطفال الذين ركبوا الباصات والبواخر وهاجروا إلى خارج البوسنة والهرسك»، كنت منفعلا ولم ألتفت إلى صمته، وإذ بي أشاهده يمسح دموعه صامتا، وهنا توقفت أمام هذه «الإنسانية الطاغية» وذاك القلب الحنون!
بعدها كانت له جهود في إخراج مشروع «المغتصبات»، وأتذكر أنني قدمت المكافأة التي حصلت عليها (جائزة الشرق الأوسط عن تغطية معارك البوسنة والهرسك) في العام 1993 للعم يوسف جاسم الحجي ـ شفاه الله وعافاه ـ لصالح هذا المشروع الخاص بالمغتصبات.
٭ ومضة: صاحب إرادة قوية يوم قرر أن يذهب إلى الهند ـ مدينة بونا ـ ويأخذ زوجته وأطفاله الصغار معه لينهل من العلم باللغة الإنجليزية لمدة أربع سنوات، وهذه فرصة نشكر وندعو لرفيقه الأخ فيصل التمار الذي أعطاه توكيلا لمعاملاته، وكان خير سند له في غربته.
٭ آخر الكلام: أرجو أن يرجع إلى الأخ الشيخ عدنان الرومي ـ الله يطول في عمره ـ لعمل مؤلف لأخينا الحبيب (بو يوسف) ـ رحمة الله عليه ـ ولا ننسى رفقاء دربه من أمثال الشيخ جاسم مهلهل الياسين، ود.عادل الفلاح، والأستاذ يحيى العقيلي، والأخ عدنان الحداد، والأستاذ الشيخ فهد الشامري، والأخ عبدالعزيز الجيران، والأستاذ المربي بدر بورحمة، والأستاذ المربي فيصل التمار وكل من ارتبط بهم.
٭ زبدة الحچي: هو فقيد الكويت وليس جمعية الإصلاح، فهذا «الرجل الفذ» حياته مليئة بالمواقف والأفعال والأقوال التي تستحق أن ترصد في «مؤلف» يحفظ ما أنجز، وهو يستحق هذا بكل جدارة، لأن رصيده وسيرته الحسنة وذكره الطيب شامخ في النفوس وذاكرة الناس الذين أحبهم وأحبوه.
إنني أعزي عائلته الكريمة (آل الفلاح) الكرام بهذا المصاب الجلل وذويه ومحبيه ود.خالد المذكور رئيس جمعية الإصلاح وإخوانه أعضاء مجلس الإدارة، وأيضا جمعية الرحمة العالمية، داعين المولى عز وجل أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ومنزلته الفردوس الأعلى من الجنة.
وإنني أقترح أن يطلق اسمه على مدرسة معن بن زائدة التي عمل بها معلما للغة الإنجليزية.
كان كويتيا حتى النخاع، عربيا مسلما، قمة في التواضع الجم والأدب والخلق الرفيع، وذا سجل أبيض مليء بالدرر «الفلاحية»، رهنا لوطنه وشعبه وأمته ودينه وعقيدته، يده ممدودة، غايته وهدفه خدمة الإسلام والمسلمين، وكانت له بصمته الخيرية في كل الأعمال التي قادها وفق مقومات العمل المؤسسي، وكان على الدوام «قائدا» خيريا ناشرا للفكر الوسطي، متفاعلا مع كل قطاعات المجتمع لتطويره، حريصا على رفع اسم الكويت عربيا وإسلاميا ودوليا.. رحمك الله أبا بوسف، صعب جدا أن ترثى يا معلم الأجيال الخيّر.. وداعا يا ابن الكويت البار.