[email protected]
من عادات العرب الجميلة في الجاهلية انهم اذا تكاثرت خيولهم واختلط عليهم امرها واصبحوا لا يفرقون بين اصيلها وهجينها وضاعت حيلتهم في معرفة «الأصيلة والهجينة» جمعوها في مكان واحد ومنعوا عنها الاكل والشرب حتى اذا جاعت واشتد عطشها اوسعوها ضربا مبرحا بالسياط!
وبعد ذلك يأتون لها بالأكل والشراب!
هنا.. سبحان الله، تنقسم تلك الخيول الى مجموعتين، الاولى تهرول نحو الأكل والشراب لأنها جائعة وغير آبهة لما فعلوا بها! بينما المجموعة الثانية تأبى الاكل من «اليد» التي ضربتها وأهانتها!
كانت هذه احدى طرق العرب في معرفة الأصيل من الهجين!
لو نظرنا الى مجتمعاتنا وواقعنا «خيلاً وخيالاً» ماذا نرى؟
دعوني في البداية أجول معكم في معنى «أصيل» وهي صفة مشبهة على ثبوت اصل ويقال «جواد أصيل» يعني غير هجين!
والأصيل ايضا اصفرار الشمس قبل غروبها.
قال تعالى (في بيوت أذِن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ...)، ومتأصل وهو وصف للنباتات والحيوانات المتأصلة في موطنها.
إذن، الحقيقة عن الأصيل هو شرف النسب.
ونعرّج أخيرا على الهجين، هجن يهجن، هجنة، وهجونة، وهجانة، فهو هجين!
أي «معيب»، وعندما نقول «رجل لئيم» يتضح المعنى اكثر، كما ورد في اللغة «الهجين من الخيل» وهو احد أبويه أصيل!
كما نقول «الهجين من الناس» والذي ابوه عربي وامه أعجمية!
وهناك «ضرب من النوق» خفيف الجسم سريع السير!
اما في علم الأحياء فالهجين يعني نباتا او حيوانا ينتج عن تزاوج نوعين او سلالتين او صنفين مختلفين!
٭ ومضة: وأنا أناظر القنوات الفضائية وأتابع الابحاث العلمية ارى تطورا نتج من الأصالة والهجين في الحيوانات والنباتات خاصة اليوم فيما يعرف بإنتاج النباتات المهجنة وايضا الحيوانات لأنني وجدت أسدا منقطا كالنمر ونمرا بجلد أسد وحمارا جحشا وكلابا وقططا وطيورا، وتبقى القضية الأهم: هجين الإنسان!
طبعا انا هنا لا أتكلم وأكتب عن الاستنساخ وانما عن الهجين!
يا سبحان الله «التهجين الانساني» يتضح بالمواقف والافعال والاقوال، ولهذا لا عجب ان تسمع فلانا «أصيل»، فلانة «هجينة» أي لئيمة أو العكس!
٭ آخر الكلام: عودوا الى الوراء قليلا ما الذي جعل «الخيل الاصيلة» تعاف الشراب والطعام.. انه الإباء والشموخ والترفع والبعد عن الدنس!
وهذا ما ينطبق على البشر، يتضح «الأصيل» من «الهجين» حين وقوع الخطأ! تظهر عزة النفس من الأصيل ويظهر اللؤم من الهجين!
قال الشاعر:
إني لمن قوم بهم شمم
قومي العلا والعز والشرف
وأحسن من ألّف كتابا عن الخيل هو العم الشيخ محمد الابراهيم ـ اطال الله في عمره ـ والباحث الألمعي الأستاذ اسعد الفارس، فلهما الشكر والتقدير على جهودهما المباركة في حفظ تاريخ الخيل العربي الأصيل.
٭ زبدة الحچي: كلنا رأينا فيلم «عنترة بن شداد»، انظر الإباء في أشعاره وهو يحسب للأسف من العبيد برأي السادة!
يقول:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
ان كنت شاهدة بما لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقائع انني
أغشى الوغى وأعف عند المغنم
يقول الخليفة الرابع علي بن ابي طالب كرم الله وجهه: «احذر صولة الكريم إذا جاع وصولة اللئيم إذا شبع».
هكذا هي الدنيا اليوم، تعاشر أصيلا يضمر فيه المعروف والخير، أما «الذهب الرانغول» أي المزور لا يحوشك!
اتعب على الأصيل، وان وجدت في حياتك اصيلا او أصيلة فاحمد الله ثلاثا.. في أمان الله.