[email protected]
تصبح الاحتمالات متعددة عندما تقرر أن تقوم بالفعل لا بردة الفعل.
تابعت ومعي أمة العرب والمسلمين الزيارة التاريخية التي قام بها الحبر الأعظم بابا الفاتيكان فرانسيس للمملكة المغربية بدعوة من ملكها محمد السادس.
ولفت نظري عمق الرسالة البابوية التي صدرت من الحبر الأعظم الذي يحاول اليوم جاهدا أن يتناغم مع دعوة الأئمة والخطباء والدعاة الساعين لنشر الوسطية بغية تعزيز الحوار بين الأديان ونبذ العنف باسم الدين خاصة بعد مذبحة نيوزيلندا الأخيرة.
لقد وقفت على مفردات الخطاب البابوي والملكي الذي يدعو إلى الحفاظ على القدس تراثا مشتركا للاديان بدلا من تفرد إسرائيل.
واضح وضوح الشمس منطلقات الرسالة التي أراد البابا وملك المغرب إيصالها إلى الأمة في مشارق الأرض ومغاربها بضرورة مجابهة التعصب والأصولية العنيفة والدعوة إلى التحاب في الله ما بين جموع المؤمنين إحياء أو حفاظا على القيم المشتركة.
الجميل أن الخطاب تلا فقرات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، لقد أحسن البابا والملك في طرح قضية القدس بعد أن نفذ الرئيس ترامب وعوده إلى أفعال ونقل السفارة الأميركية إلى القدس وكل العالم يعرف ويعي أن مدينة القدس الشريف هي تراث مشترك للإنسانية بوصفها رمزا للتعايش السلمي، وكان في الاساس يشرف عليها الأردن في السابق، كما ان احد مقررات الجامعة العربية والقمة الاسلامية اسند لوالد الملك متابعة ملف مدينة القدس وقد يكون مقبولا، وهو أحد الحلول المطروحة ان يكون لهذا المكان المقدس حمايته من عبث إسرائيل والصهاينة لخصوصية المكان وللبعد الديني والثقافي الخاص بالقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك.
٭ استقبال البابا في معهد لتكوين الأئمة المسلمين حدث له دلالة قوية وواضحة لرفض كل أشكال التطرف وهذا ما جعل البابا يقول لمسيحيي المغرب: من فضلكم لا داعي للتبشير!
٭ آخر الكلام: افتتاح البابا زيارته لمسجد في الرباط رسالة تنشئة لجيل جديد يتعايش بعيدا عن التعصب الديني البغيض.
٭ زبدة الحچي: منذ 34 سنة ماضية اتذكر زيارة بابا الفاتيكان يوحنا الثاني إلى المغرب، وكان الحدث حينها كبيرا ومتميزا واستثنائيا، واليوم تعاد الزيارة البابوية برئيسها الجديد ولنفس المكان ليكون الملك الابن هو المستقبل، وهذا يوضح الدور المغربي المتجذر في الرمزية العميقة ما بين مملكة المغرب العربية الشقيقة والفاتيكان، وهذا حدث بكل صراحة (رهان حضاري) له أكثر من معنى ودلالة وانفتاح نوعي مطلوب خاصة في هذه المرحلة التي وصل فيها التطرف اليميني المسيحي إلى ذروته في أوروبا، فيما تتوازن أمة الإسلام والمسلمين بعد هذا الدمار الذي حدث في سورية واليمن وليبيا والعراق وافغانستان.
إن الجلوس على طاولة الحوار اليوم هو الاعتراف المتبادل من اجل المستقبل للتعايش المشترك بدلا من هذه الزيارات الخافية والمستترة للتطبيع في ظل وجود (إرهاب متطرف) عند كل اطراف العلاقة!
وأنا مع ملك المغرب فيما دعا إليه لنبذ التعصب بالتضامن والتربية.. والتربية هي جسر التنمية، ودائما نلوم الظروف، والناجح في الحياة هو من يسعى للبحث عن ظروف التعايش ويتعايش، فإن لم يجد يصنعها بنفسه، وهذا ما فعله الملك والبابا!.. فهل من مدكر؟!
في أمان الله.