[email protected]
صنائع المعروف.. والله جملة مفيدة جداً ومؤثرة جداً ونحبها كلنا جداً!
صنائع المعروف تدفع غضب الرب وتقي مصارع السوء وتدفع عنك البلاء وتجلب لك السعادة!
لو وضعت «صنائع المعروف» في صاحبنا «غوغل» لحصر لك ما كُتب فيها من قصص وأحاديث وبرامج و..و..و..!
كلمات قالها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء» (حديث صحيح). يا الله كم تبعث في نفوسنا الأنس وتزيل الكدر وتربطنا بالله عز وجل، وكيف يجازي الله صاحب صنائع المعروف في الدنيا والآخرة.
أخي العزيز محمد الدعيج (أبو أحمد) أرسل لي قصة جميلة حدثت في «حي الجرادية» في مدينة الرياض وتصلح لتكون سيناريو فيلم أو مسلسل تحت عنوان «صنائع المعروف»!
تقول صاحبة القصة: كنت ساكنة في بيت في الجرادية وكان بجانبي جيران لهم ملحق على باب الشارع، ويسكن في الملحق ولد عمره ثماني سنوات في ثالثة ابتدائي ويدرس في مدرسة عيالي، وهو يتيم ويعيش مع عمه «الغني القاسي» الذي كان يعطيه بقايا الطعام وأردأ الثياب.
تقول «أم طارق»، وهي صاحبة القصة: مرة «شفته يغسل» السيارات فرحمته ومسكت يده، قلت له: يا وليدي تغسل السيارات وأنت توك صغير؟
قال: عشان أشتري لي أقلام ودفاتر، عمي ما يعطيني شيء.
فتقول: رحمته وقلت له: اسمع يا وليدي هذا بيتي وأنا كل يوم برسل لك غداك وعشاك وبشتري لك كل أغراض المدرسة مثل عيالي، وإذا احتجت أي شيء أبشر به، ومع أن زوجي كان شديدا ولا يبيني أطلع من البيت وكنت كل شيء أسويه بالخفية، وكنت أتفقد أحمد وأحفه برعايتي وأحرص عليه وأخاف عليه من عيال الحارة اللي ما فيهم خير وأحذره منهم وأوصيه: داوم على الصلاة وعلى الدراسة وعلى الصحبة الطيبة.
ومرت كم سنة وأنا أعده واحدا من عيالي.
تقول: بعد مدة قرر زوجي أن ننقل من هالبيت، فضاق صدري لأني أببعد عن هذا الولد، تقول: أعطيته رقم تلفونا وقلت: أي شيء تحتاجه يا أحمد دق عليَّ أنا أمك أم طارق، فنزلت دموعه وسكت من الحزن أن حنا بنبعد عنه، وهو ما له بهالدنيا غيرنا.
وودعته ومشيت وقلبي بيتقطع عليه، ومرت السنين وقلبي مع ذاك الولد وكل ما ذكرته قمت آخر الليل أدعيله يا رب ارحم حال أحمد اليتيم!
وراحت الأيام وكبرت وكبروا عيالي وزوجت عيالي الثلاثة وبناتي الثنتين، تقول أم طارق:
وفي يوم من الأيام كنت مرة تعبانة واشتد بي المرض ورحت للمستشفى ونوموني لأن عندي التهاب في الصدر، فجلست عندهم كم يوم، وذاك اليوم قالوا بيدخل عليك يا خالة استشاري الصدرية، فجلست وتغطيت وإلا يدخل عليَّ دكتور ما شاء الله تبارك الرحمن، ذاك الدكتور الخلوق الوسيم البشوش ويسلم ويسأل عن حالتي الصحية: كيف حالك يا خالة، بشري عساك أحسن؟! طيبة إن شاء الله.
قلت: الحمد لله.
شوي ويفتح ملفي ويقرأ اسمي فلانة بنت فلان الفلاني!
قلت: نعم.
قال: أنتِ فلانة؟
قلت: نعم.
قال: أنت «أم طارق»؟
قلت: نعم.
وعرفني وأنا ما عرفته، تقول وتغير صوته وقام يبكي.
قال: عرفتيني يا أمي فاطمة؟
قلت: لا والله!
قال: أنا أحمد اليتيم اللي رعيتيه واحتضنتيه برحمتك وحنانك وشفقتك ومالك ونصائحك في بيت الجرادية كبرت وأبشرّك درست وتخرجت وأنا الحين دكتور استشاري بفضل الله ثم بفضل كرمك بي وأنا صغير.
تقول: يرتعش جسمي ويرجف قلبي كأني في حلم.
قلت: أنت أحمد؟
ويجي يسلم على راسي وهو يبكي وأنا أبكي!
هو يصيح وأنا أصيح وتذكرته صغيرا وقلت الحمد لله يا وليدي أن الله تكفل بك وأوصلك أعلى المراتب. شوف أمس وش كنت واليوم وش صرت، الحين ما شاء الله تبارك الله، والله يا أحمد كنت دايم على بالي، وإذا ذكرتك دمعت عيني ودعيت لك، والحمد لله أن شفتك بأحسن حال.
قال لها: هذا رقمي يا أمي فاطمة وأي شيء تبينه مني آمري وأبشري باللي تبينه، وأنا والدكاترة والمستشفى كلنا تحت أمرك.
٭ ومضة: هذه صنائع المعروف لا ينتهي بريقها وسيظهر نورها يشع به المكان ولو طال الزمان!
٭ آخر الكلام: شعر أعجبني عن فعل الخير:
على الدوْم لا تغفل فإنك راحل
إلى القبر مرهون بما كنت تفعل
فإما نعيم في الجنان وجنة
وإما عذاب سرمديّ مزلزل
٭ زبدة الحچي: وهذه أبيات لصديق مقرب مني هو دائما يشاركني فعل الخيرات وأحبه وأغليه:
يا سائلاً عني من القلب لبيه
صوت عزيز وغصب عنا نلبيك
مثلك من الأجواد لا شك نغليه
ونفتح لك أبواب الخفوق ونحييك
وأشري رضا من يشتريني وأرضيه
وأقول له بالروح والعين نشريك
يا ليت لي مثله ثلاثة مشابيه
رفقته تشفي جرح غاير مكانه
الوقت ما يطلبك كثرة مجابيه
الوقت ذا يطلبك فارس حصانه
في أمان الله.