[email protected]
من الشعر البشتوني القديم: لأن يأتيني جسدك وقد مزقه الرصاص بشرف أهون عندي من أن يردني نبأ فرارك من المعركة.
ملالا يوسفزاي.. هل سمعت عنها؟
هي أسمعت صوتها للعالم رغم صغر سنها!
أعود معكم بالذاكرة إلى اليوم الذي استولت فيه حركة طالبان الأفغانية على وادي سوات وكيف هدم الطالبان تماثيل بوذا! أتذكرون هذا الحدث؟
في ذاك اليوم ثمة فتاة رفعت صوتها بأنها (ملالا يوسفزاي) التي أبت السكوت أو الاستسلام وواصلت نضالها لنيل حقها في التعليم!
في يوم الثلاثاء 19 أكتوبر 2012 كادت (ملالا) تدفع حياتها ثمناً لنضالها بعد أن أطلق أحد مسلحي الطالبان النار على رأسها من مسافة شديدة القرب فيما كانت على متن حافلة المدرسة في طريقها إلى البيت، ولم يكن أحد يتوقع نجاتها من الموت المحقق!
لكن رحلة علاجها التي وصفت بالمعجزة قد أخذتها من الاختفاء من أفغانستان إلى الظهور شمال باكستان إلى قاعة الأمم المتحدة (هو قدر الله لها أم ضربة حظ)، وصلت نيويورك ثم أصبحت مناضلة في السادسة عشرة من عمرها ورمزا عالميا لفتاة صغيرة مسلمة تدافع عن حق الفتيات في التعليم!
كان والدا (ملالا) هما الملهمان لها (حكاية حب) تروى ومشاعر أبوية جارفة جعلت من (ملالا) رمزا عالميا للنضال الشبابي.
حب والديها الجارف لها وما أُغدق عليها من حب ودعم وسط مجتمع لا يحتفي إلا بالذكور.. جعلا منها رمزا على مستوى العالم.
تصفحت كتابها في الإجازة الأسبوعية وهو يقع في 416 صفحة من القطع المتوسط وأخذني (الكتاب القيم) الى (أفغانستان الطالبان) رمز التخلف، الى أميركا التي تعطي الفرص للمهاجرين.
جميل الكتاب الذي ينقلني وأنا الذي أعرف أفغانستان ومدنها وقراها وعشت مرة الثمانينيات أغطي الأحداث الدائرة هناك لجريدة «الأنباء» وما نتج من هذه التغطيات الصحافية من استطلاعات وأكثر من كتاب.
أعجبني شكرها للأطباء الذين أجروا لها العملية في المستشفيات الباكستانية وإنجلترا ولولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وتكفله بنقلها على متن طائرة خاصة.
٭ ومضة: ينقلك الكتاب إلى مولد هذه الفتاة العبقرية والقرية وأطفال القمامة والملالي وميادين الموت في الوادي والأحزان من خلال معايشة (الطلبنة)!
ملالا.. فتاة عايشت الموت والحياة لتذهب في رحلة الى المجهول ولتظهر في أميركا لتقلب الأوضاع على ممارسات الطالبان.
أحداث كثيرة في وادي سوات وظهور (أفغاني- باكستاني) يرفع صوتا مدويا متمثلا في (ملالا).
تم إنشاء (صندوق ملالا) الذي يؤمِّن لكل فتاة عازمة على استكمال تعليمها.. فمن ينضم إليهن؟
لن ينسى العالم يوم ألقت الطالبة (ملالا) خطابا على منبر الأمم المتحدة في يوم 21 يوليو 2013 في يوم عيد ميلادها لتبشر بعالم جديد بعيدا عن التخلف.
٭ آخر الكلام: فتاة بعمر الورد ناضلت عن (حق التعليم) وحاول الطالبان قتلها، إلا أنها نجت لتنقل صرختها الى العالم كله بحكوماته وشعوبه وذاعت صرختها بالأوردو لتصل الى أسماع العالم، وتقديرا لشجاعتها نالت (ملالا) جائزة السلام الوطني في باكستان في عام 2011 وجائزة السلام للأطفال في العام 2013 وقد أصبحت أصغر مرشح لنيل جائزة نوبل للسلام، وأدرجت ضمن القائمة القصيرة لمجلة تايم لشخصية العام وتلقت الكثير من الجوائز وما زالت تتزعم الجهود العالمية الرامية لإتاحة التعليم عبر صندوق ملالا.
ولتشكر صديقتها منيبة وأختي خوشاك.
هذه قصة ملالا التي تلقت 3 رصاصات من مسدس كولت 45 ونجت رغم تضرجها بالدماء.
٭ زبدة الحچي: استطاعت الصحافية كريستينا لامب- وهي إحدى الصحافيات البارزات في العالم- أن تضطلع بدور رائد في التغطية الصحافية لقصة الفتاة (ملالا) مستغلة باكستان وأفغانستان بداية من ظهورها وخبرتها من العام 1987.
لقد تلقت تعليمها في جامعتي أكسفورد وهارفارد وألفت 5 كتب وفازت بالكثير من الجوائز منها جائزة أفضل مراسل أجنبي في بريطانيا خمس مرات، بالإضافة الى نيلها لجائزة (بري باييه) وهي الجائزة الأرفع في أوروبا للمراسلين الحربيين، وتعمل كريستينا حاليا لدى صحيفة صنداي تايمز وتعيش ما بين لندن والبرتغال برفقة زوجها وولدها.
محطة ملالا.. محطة جديرة بالقراءة المتأنية.
وتبقى الحقيقة: من فيكن ملالا؟ أنا ملالا وهذه حكايتي.. وفي أمان الله.