[email protected]
كانت أول محاولة للعم صالح العجيري - أطال الله في عمره بصحة - تقريباً سنة 1934 لعمل «روزنامة» كما نسميها اليوم «تقويم العجيري».
كانت في بدايتها بسيطة، أي لم تكن «روزنامة كما نراها اليوم».
كانت شيئا بسيطا مبنيا على أساس الحساب الاصطلاحي، باعتبار الشهور القمرية تتوالى 29، 30 يوما، وأيام الأسبوع من الشهر العربي مبنية على هذا الأساس، ثم أدخل عليها نظام الكبس، ثم بعد ذلك نقل عن التقاويم القديمة بروج الشمس ومنازل القمر ثم المواقيت، وأول محاولة لطبع التقويم كانت سنة 1936 تقريبا، فقد قدم المرحوم ـ بإذن الله ـ العم عبدالحميد الصانع مسودة التقويم الى المرحوم سمو أمير
البلاد حينذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح - رحمه الله - الذي طلب من السيد عزت جعفر أن يرسله الى مصر للطبع، إلا أن ظروف المواصلات الصعبة أخرته، وبالتالي فات الأوان لتنفيذ الطبع، والمحاولة الثانية جرت سنة 1938 للطباعة في بغداد، وقد ساهمت إدارة المعارف بحصتها خمسة دنانير عراقية، وقد ساهم كل من التاجرين العم مساعد الصالح والعم الحاج عبدالعزيز العلي المطوع بخمسة دنانير، وطُرحت الخمسة دنانير الباقية للتبرع، غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية بطأ العزم للمضي في المشروع، وبقي مجمدا طوال سنوات الحرب، إلا أن العم صالح العجيري استطاع في السنة الأخيرة من الحرب أن يطبع 500 نسخة في بغداد لتقويم مختصر مؤلف من 12 ورقة، وفي سنة 1946 ساهم الحاج علي قبازرد - رحمه الله - بطبع 1000 نسخة في بغداد لأول تقويم كامل وطبعت على ورق نظام التموين. وفي سنة 1948 قام الأستاذان عبدالله زكريا الأنصاري وأحمد زين السقاف - رحمهما الله - بطبع التقويم في بغداد على ورق أبيض، وعرضاه في مكتبتهما بشارع الأمير خلف المباركية، ولم تكن العملية مربحة بقدر ما كان المقصود منها التشجيع ونشر الثقافة والمعرفة.
وقد تعثر إصدار التقويم وتوقف عن الصدور حتى أشار السيد أحمد الجارالله الحسن على العم صالح العجيري بوجوب المضي في نشر التقويم وإعادة إصداره، فصدرت الطبعة التالية بـ 1000 نسخة في عام 1952 تحمل صورة المرحوم الشيخ عبدالله السالم - رحمه الله - في القاهرة لأول مرة وبإشراف الأستاذين عبدالعزيز حسين وعبدالله زكريا الأنصاري - رحمهما الله - ثم استمر التقويم في الظهور دون انقطاع حتى يومنا هذا، وصارت مكتبة العجيري تتولى تسويقه خاصة أنه «التقويم المعتمد» من الدولة، ويصدر الآن بكل أنواعه: تقويم الحائط، مذكرة الطاولة، أجندة المكتب، مفكرة الجيب.
هذه هي قصة «الروزنامة» وجهود راعيها حتى صارت «واقعا» ورمزا من رموز الكويت.
٭ ومضة: أحسنت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والنادي العلمي وكل جهات الدولة المعتبرة بتكريم العم الأستاذ صالح العجيري، لما قام به من دور بارز في علم الفلك، وليكون «فخرنا ورمزنا» ومن رجالنا العظماء الأخيار البارزين على مستوى المنطقة والعالم في علم الفلك وتقويمه، وبالمناسبة يعتبر «تقويم» الأستاذ صالح العجيري تقويما محكما ومُعترفا به عالميا ونال أكثر من جائزة تكريم عليه.
٭ آخر الكلام: الشعب الكويتي بكل شرائحه يفرح عندما يُطل علينا العم (أبو محمد) من شاشات التلفاز أو الإذاعة ليتحدث ويجيب عن الأسئلة، وندعو الله له بطول العمر في صحة وعافية.
٭ زبدة الحچي: وجه آخر جميل للعم صالح العجيري - أطال الله في عمره - أنه صاحب دعابة ونكتة وتدين ونبوغ.
كنت ألتقيه في ديوان العم يوسف جاسم الحجي - شفاه الله وعافاه من كل شر ـ (أدعو لهذا الكويتي النبيل المحب لأهل الكويت والذي خدم الكويت في صمت عجيب)، وإذا جلس العم (بومحمد) في مجلس فهو يتسيده بجدارة، وقد عرف عن (ابن الديرة العم صالح العجيري) طلعاته، ما جعل الصغير والكبير يحبه ويحترمه وله حظوة.
فإذا التقيته أنت وأمسك بيدك وانحنى كأنه يريد أن يُقبّلها فلا تفزع وتسحب يدك وتقول معتذرا عفوا!
فهو لن يقبّل يدك بل يقبّل يده!
وإن قال لك: «لا صبحك الله» فلا تزعل فهو سيثني ويقول «إلا بالخير»!
وهكذا سمعه أحد أصحابه مرة يقول لأحد ربعه: الله يعميك!
ففزعوا جميعا لهذا القول، إلا أنه أكمل وقال: عن طريق السوء!
نحن أمام شخصية فلكية لغوية سريع البديهة شديد الذكاء سبق عصره وزمانه بآرائه ورؤيته في مختلف القضايا.
ندعو له جميعا بطول العمر في صحة.. نادرا مثل هذا الرجل الوطني الأصيل والذي لو سألته عن «غداه وعشاه»، لقال لك بكل ثقة «ما ادري»!
لكن هذا الرجل عمل التقويم لـ 2000 سنة قادمة!
هكذا هو العم الأستاذ صالح العجيري.. قدوة الأجيال.. في أمان الله.