[email protected]
رحل النجراني عاشق الكويت الوفي!
ورحلت يا ناجي دون استئذان كعادتك!
قال تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا.. - آل عمران: الآية 145).
أواه يا ناجي لو تعرف محبة القطاع الخيري لك ولمواقفك الشهمة مع بلدك الذي أحببته الكويت!
كان سفيرا لنجران في الكويت، حببنا فيها من غير ما نشوفها إي والله بلا أدنى مبالغة!
عرفته من خلال عملي بالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية مديرا للإعلام وتوثقت علاقتنا على مر الأيام وصار أخا وحبيبا وقريبا إلى القلب!
قال ابن الرومي:
إن كنت تطلب في المديح مشاكلا
لك في الرجال فما إليه سبيل
د. عبدالله ناجي يقبل يد والده بعد تخرجه من الصيدلة في بريطانيا
من يعرفه يحبه (صريح ومريح)، وما في قلبه يقوله لسانه، لفت نظري حجم محبته للكويت وشعبها دون رياء وبصدق وعفوية!
زارنا في الكويت أكثر من مرة، وكنت أكرمه بعزومة في بيتي، وكنت أهمس له تلفونيا عند الاتصال: ألو أيها النجراني الكويتي!
كان يضحك من القلب، وأسأله عن الأسرة الكريمة والأحباب، وكان على اتصال دائم بي يسألني عن كل صغيرة وكبيرة، وأقول له أنت (موثِّق جيد) أبا أحمد للملفات والمعلومات ودّي أزورك في نجران لأرى هذه التوثيقات! يرد بضحكة: يا ريت تسويها!
كان له صديق في الكويت اسمه (بوعوض) يمني متزوج من كويتية يأتيني بين فترة وأخرى وله ثلاث سنوات انقطعت أخباره!
وأرجو الاتصال بي إن كان موجودا في الكويت.
الحديث عن الحبيب الغائب ناجي ناصر الهدنة الحارثي (أبوأحمد) أمر يطول فهو له علاقات ممتدة في الكويت ودول الخليج، وكان ـ رحمه الله ـ مهتما بالعمل الخيري ويسأل دائما عن تفصيلاته وشخوصه وإنجازاته!.. وانني أتصور أنه كان بالفعل مرجعا للعمل الكويتي الخيري!
ما مات من أحيا المعارف والنهى
واختار ما بين الضلوع له سكن
بعد تحرير الكويت زارنا في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية واستقبله العم الغالي يوسف جاسم الحجي - شفاه الله وعافاه - في مكتبه، وكان فرحا بتحرير الكويت وكنا نطلق عليه «عاشق الكويت» لأنه يعطيك هذا الانطباع وأحيانا كنت أمازحه.. أنت مزدوج!
رحيل الأخ الحبيب ناجي ناصر الهدنة الحارثي أوجعني كثيرا لطيبه وأخلاقه وشخصيته المرحة المحبة للخير والعمل التطوعي وللكويت وشعبها خاصة.
زاره هادم اللذات قبل أسبوع بعد زيارته لمدينة البشائر التي تبعد عن نجران 500 كيلومتر، لكنه تعب وتوفاه الله، وقد نطق الشهادة قبل موته خمس مرات وصليت عليه صلاتان يوم الجمعة لكبر حشد الناس الذين أحبوا المشاركة في جنازته، رحمه الله.
٭ ومضة: ورحل النجراني «ناجي ناصر الهدنة» المحب لـ (نجران والكويت) والعاشق لهما، وكان (أشهد بالله) محبا للعمل الخيري الكويتي ومشجعا له ومفتخرا به وبإنجازاته ويعرفه كل (جيلنا المخضرم) الذي عمل في العمل الخيري الدعوي، وكان يقول لي دائما: لكم أن تفخروا بديموقراطيتكم وإنجازاتكم لأنها مفخرة - العرب والمسلمين - أنتم شعب حضاري!
كانت له نظرية جميلة وهي أن (الثقافة الشاملة) تعلّم وتوجّه وترشد، لهذا تجده وبكل صراحة علماً بمعرفة الجمعيات الخيرية والدعوية وأيضا جمعيات النفع العام خاصة الأدبية والاجتماعية والمتخصصة، وكان ـ رحمه الله ـ يلحّ عليّ كثيرا، إذا ما صدر إصدار جديد في الكويت يطلبه ويرسل لي من يتسلمه ليوصله له في نجران ويحادثني معلقا ومعقبا عليه بدقة الملمّ المحب للكويت وأهلها.
صديقه الدائم الأخ الشاعر الأستاذ شريف قاسم نظم أشعارا في كل المحسنين الكويتيين الرموز على شكل إهداء، طبعا بتخطيط ومتابعة من ناجي الهدنة - يرحمه الله - وسمى المؤلف «رحلة وقف النور إلى ديار المحسنين».
٭ آخر الكلام: عجيب هذا الرجل النجراني المحب للكويت يتحرك ويزور ويسأل وهو لا ينشد (الدينار)، زاهدا فيه رغم احتياجه لتسديد نفقات الكتب والإعلاميات!
لاموه في بذله الأموال قلت لهم
هل تقدر السحب ألا ترسل المطرا
٭ زبدة الحچي: ناجي الهدنة له من اسمه نصيب، فهو بإذن الله (ناجي) من كل إثم فلقد كان على جانب كبير من التدين والخلق والأصالة والبساطة (إنسان رباني)!
هذا الرجل بالفعل زرع (فينا) حب نجران بأخلاقه واتصالاته ورحل كعادته كما نسميه (كثير الحركة).
حسبنا الله فالمصاب أليم
والخسارات فيه ليست تعدَّد
أتمنى أن تخصص له مجلة العالمية تحقيقا يشارك فيه محبوه لأنه يستحق الرثاء في زمن عز فيه وجود الرجال أمثاله (أبوأحمد) المحب للإنسانية، المشفق على كل إنسان في كل مكان، وأرى في نجله د.عبدالله بن ناجي الهدنة الحارثي المرشح القوي لحمل رسالة والده صاحب الرسالة الخيرية لتطوير أفكاره ومقترحاته ومؤلفاته وتجديدها بإذن الله.. فقيد يُفتقد ولا يُنسى.. في أمان الله.