[email protected]
كنا صغارا في أوائل السبعينيات ونسمع مع (ربعنا)، أي الأصدقاء بأنه لديهم (أخ - أخت) «مخشوش» أي لا يظهر للناس حتى الذين يزورون الأسرة!.. إنه «العيب والعار والفشلة»!
طبعا في بدايات الكويت بعد ظهور النفط وتحول الناس جميعا الى فئات، الآباء يعملون والأبناء يدرسون والأمهات كثير منهن ذهبن الى مدارس محو الأمية وحتى بعض الآباء! بدأنا نعرف أن هذا الأمر غلط كبير!
طبعا هناك من بقي في القبو أو في غرفة مغلقة لا يعلم عنه أحد سوى أمه وأسرته وإخوانه هو الضحية (المعاق)!
كانت الناس لا تفضل البوح بأن لديها معاقا في البيت!
كانت نظرة الناس سلبية للمعاقين تحرمهم من أي حقوق بالمشاركة والظهور والأمر يتم التعامل معه بسرية وتكتم!
ومع تطور المجتمع الكويتي في الثمانينيات والتسعينيات بدأت شريحة واسعة من المجتمع تتحدث عن (ابنها المعاق أو ابنتها المعاقة) بنوع من الصراحة والواقعية. ولفت نظري أن هناك فئة تشعر بالفخر بأن لديها معاقا وتظهر محبتها وتآزرها مع هذا المعاق!
وأنا هنا أوجه لهم التحية والتقدير على هذا الدور (الحميد المحمود) الذي قاموا به لكسر حاجز الخوف والعيب!
قضيتنا اليوم «المعاق»؟
فمن هذا المعاق؟
حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، الإعاقة مصطلح يغطي العجز والقيود على النشاط ومقيدات المشاركة والعجز مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله، والحد من النشاط هو الصعوبة التي يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو عمل في حين تقييد المشاركة المشكلة التي يعاني منها الفرد بالمشاركة في مواقف الحياة، وبالتالي فالإعاقة هي ظاهرة معقدة وتعكس التفاعل بين ملامح جسم الشخص وملامح المجتمع الذي يعيش فيه أو الذي تعيش فيه!
هناك أكثر من تعريف لهذا المعاق، ولكنني في الحياة والله وجدت كثيرا من المعاقين أفضل وأحسن في الأداء الحياتي من الأسوياء!
٭ ومضة: ساهمت الدول المتحضرة وأيضا الأمم المتحدة في مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وعضلي وتحسين العناية بالصحة العقلية والجسمية بموجب قرار الأمم المتحدة 119/446 المؤرخ في 17 ديسمبر 1991 بإعلان الأمم المتحدة حقوق المعاقين.
الإسلام والأديان الأخرى تنظر للموضوع على أنه ابتلاء وقدر الله المكتوب على بعض عباده، ولهذا اهتمت الأديان بالإنسان المعاق وقدمت حقوقه على الأسوياء، ومن يدرس السُنّة النبوية الشريفة يقف على المواقف والأقوال والأفعال حماية لهذا المعاق من الحقد الاجتماعي والنظرة المتشائمة!
٭ آخر الكلام: اليوم اختلفت نظرة المجتمعات والأسر والأفراد لهذه الشريحة التي عانت التهميش سابقا والمظلومية، واليوم، ولله الحمد، تعيش المشاركة متكيفة مع المجتمع المحيط بها!
المعاق دائما خجول، لهذا لا نكثر عليه الأسئلة، خاصة من بعض الفضوليين لأنه يعتبر إعاقته من خصوصياته مما يوقعه في الخجل والانسحاب!
وإياكم والسخرية والتهكم!
لقد ذهب زمن اعتبار المعاق (عارا وعيبا)!
٭ زبدة الحچي: إن على المجتمع المتحضر أن يهتم بسلوكياته نحو هذا المعاق وأسرته من حيث المفهوم الخاطئ السلبي للمخالطة غير الواعية وكثيرا ما يحدث إما العزلة الاجتماعية أو عدم المشاركة والانسحاب وعدم الثقة بالآخرين والانتماء للجماعة والمجتمع ككل!
نحن في الكويت نحمد الله أن الدولة التفتت لهذه الفئة والشريحة وأوجدت لها القوانين والجهات الشعبية والرسمية لتساعدها في إزالة نظرة المجتمع السلبية لهؤلاء المعاقين أو كما أسماهم البعض ذوي الاحتياجات الخاصة!
إياكم من إعطاء المعاق (نظرة التعاطف بل المتوازن) والتي يعتبرها مهينة له، وعامله كأنه سوي لأن (أولادنا وبناتنا) من هذه الشريحة والله عندهم همم الأسوياء وأكثر ولهذا تراهم ينجزون ما يعجز الأسوياء عن فعله!
والحمد لله كثيرا أن مجتمعنا دمج هذه الفئة اليوم ولم يعزلها والكل مؤمن بأن هذه الشريحة فعالة في المجتمع الكويتي!
نعم.. تلعب المجتمعات والاتجاهات دورا مهماً في صحة المعاق النفسية لأن هذا المعاق جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، والنصيحة هنا بأن نبعد السخرية والتهم ونحد من الفضول والمساعدة والعون إلا بحدود، ونحمد الله أن الأسر اليوم بدأت تتفهم أدوار مراكز التربية الخاصة والأنشطة الاجتماعية والمجتمعية لهؤلاء المعاقين زيادة في الاهتمام وتجاوزا للإهمال.
وقد لعبت التربية والمساجد وقطاعات المجتمع المدني والإعلام دورا تنويريا خلال الحقب الزمنية الماضية خاصة الإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات واليوم الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي.
تحية خاصة وتقدير وثناء لمن مهد لهذا الطريق وأنا هنا أحيي أخواتي الكريمات: سبيجة الغيص، د.سميرة السعد، الأستاذة رحاب بورسلي، والجندي المجهول لمياء الحميضي، والشكر والتقدير موصول لكل (أم وأب) لديهما معاق، ورددوا معي:
لا تقــــل إننــي معــاق
مـــد لي كــــف الاخــــوة
ستــــراني في السبـــاق
أعبــــر الشـــوط بقــــوة
ما العمى أن تفقد العين الضياء
العمى أن تفقد النفس الأمل
والذي يسمع أصوات الرجاء
لا يبالي إن عرى السمع كلل
رب طفل مقعد ليس يسير
ذكره يسبح ما بين النجوم
وأمانيه الى الشمس تطير
ومراميه تناجيها النجوم
تبقى الحقيقة: ليس المعاق معاق الجسد، إنما المعاق معاق الفكر والخلق!
في أمان الله.