[email protected]
لو سألت أي أحد من أبناء هذا الجيل عن «نور البيت»، لنظر إليك طويلا دون أن يعرف الإجابة!
ربما يقول لك الكهرباء أو.. أو.. أو..!
الإجابة الصحيحة هي: نور البيت هما (الجد - والجدة) وإليهما يرجع أصل الأسرة وإليهما ينتمي الأحفاد وتلتف حولهما القلوب والعقول وتستدفئ بحنانهما الصدور لأنهما (نور البيت) وجماله وبركته، ولأنهما (عود أخضر) يستظل به الجميع!
الجد والجدة نعمة من نعم الله على خلقه وكلنا يذكر جدته، فالكويتيون يسمونها (إيديده ويدي)، والمصريون تيتة ونينا، واللبنانيون تيتا أو جدو، والفلسطينيون سيدو وستو، والتوانسة للجدة ماماتي والجد بابا عزيزي، وبالهندي دادي ما وداي جي وبالانجليزية Grandpa - Grandma.
آه.. أنا أتذكر جدتي (أم عبدالله) رحمها الله علمتني وقوتني في الحياة وكانت تقول لي أنت (محرمنا) ورجلنا الذي لا يخاف في الحق وربتني على تحمل المسؤولية والعطاء، وما زلت حتى هذه اللحظة أشتاق الى حلو حديثها وذكرياتها، خاصة حجتها على «الجمّال» وسوالف حمارة القايلة والسعلو والطنطل!
كل إنسان له ذكرى لا بل ذكريات مع الجد والجدة وهما رمز بركة البيت لأمور كثيرة، منها أنهما والدان والله تعالى يقول: (..وبالوالدين إحسانا) وببر الجد والجدة تبر أنت والديك لأن برك بالأجداد يسعد الآباء والأمهات اللهم إلا قلة لا تقدر هذا الدور المحوري وتهمله وهما في هذه السن نستذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم توصيته بالكبير، فقال: «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا».
أيها الأبناء جيل هذا الوقت من لديه جد أو جدة تلاحق نفسك واعطهما الاهتمام الواجب وصاحبهما واحرص على رفقتهما واختر لهما أحسن ما في البيت سكنا ووفر لهما سبل الراحة وأكرمهما بالتكريم والهدايا ولذيذ الطعام وراعي ظروفهما الصحية وقدمهما في كل (جمعة أسرية) أو مناسبة وآنسهما في جلوسهما واسأل عنهما واستذكر معهما كل سنوات عمرك واصحبهما في السفر أو النزهة أو أداء العمرة والحج واخدمهما وارعهما.
الجد والجدة نعمة عظيمة جدا من الله عز وجل، سارع لإرضائهما، فهي فرصتك في الحياة كي تفوز برضا والديك والله معاً!
يا هنيئا لك ما قدمت وأحسنت بجد وجدة أو أحدهما في منزلك وبيتك أو شقتك!
إن وجود الجد والجدة أو كليهما يمنح (الأحفاد الأسوياء) شعورا بالدفء والحنان وغزارة المشاعر والألفة لأن الجد والجدة يتزينان بالحلم والاناءة والصبر وطيب الخاطر، وكلنا يذكر صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما.
أيها الآباء والأمهات.. وجود الجد أو الجدة بركة لا تعلوها بركة وأطفالكم يتعلمون منكم ويسجلون المواقف في ذاكرتهم ويحللونها ويوازنون أمورهم وتذكروا أن أي قسوة يقوم بها أي طرف من الآباء والأمهات رادة إليك فالجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان!
٭ ومضة: هنيئا للأحفاد والحفيدات إن مارسوا دور التعامل المباشر والتمريض دونما وسيط والاهتمام بدواء الجد وساعات أخذه وعدد جرعاته وهو دور جليل وفرصة لهذا الحفيد أن يستفيد من خبرات هذا الجد أو هذه الجدة لخبراتهما المتراكمة عبر الأجيال ومعرفة العادات والتقاليد والأعراف خاصة أنهما دائما يعلمان (الجيل) الأخلاقيات النبيلة والقيم.
حياة الجد والجدة بين الأحفاد هو امتداد للتواصل الأسري ونماء الأسرة وملتقى اللقاءات وهم بالفعل من تلجأ إليهما لمعرفة خبرات الحياة والصح والخطأ، ويا حلوهم إذا قالوا لك.. يا وليدي أو يا بنيتي!
أيها الآباء والأمهات دائرة الحياة عجيبة تهتم بوالديك يتربى عيالك على ما علمتهم فأنت في عز قوتك وستعود يوما وتكون مثلهم كما بدأت (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ)... أفلا يعقلون؟.. انتبهوا لهذا التنبيه!
٭ آخر الكلام: إن أروع ما في الدنيا هم الأجداد، لكن للأسف هناك من يقبع أجداده في دور الرعاية للمسنين!.. يا ويلكم من رب العالمين وستدخلون هذا المكان في أرذل العمر!
أما أولئك المحظوظون منا فهم الذين يعيشون على مقربة من أحفادهم!
وأتمنى على من يقرأ هذا المقال أن يتفاعل معنا ويسجل تعليقا أو تجربة حتى يثري ما كتبت فدور الأجداد في حياة الأحفاد دور عظيم مليء بالقصص والحكايات والآهات!
٭ زبدة الحچي: أيها الغاضبون من الأجداد والمحرومون من تجربتهم الحياتية رويدكم قليلا، فالأجداد عندما يتدخلون في تربية أحفادهم فلذات أكبادهم لشعورهم بالمسؤولية تجاههم وبأنهم الأقرب إليهم عاطفيا بعد والديهم وهذا استمرار (جيني) وملاذ لهم في خريف العمر وأواخره والتقاعد الوظيفي لا يعني (تقاعدا أسريا) فالجد والجدة لهما حقوق كثيرة وكبيرة تجاه الأحفاد، فلا تحرموهم من بعض، ومن يفعل فهو آثم آثم آثم!
ولم أجد أفضل من هذه الأبيات كمسك للختام، مع تمنياتي بطول العمر لكل جد وجدة وأقول للآباء والأمهات لا تجعلوها (مشكلة)، الحياة سرعان ما تمر ولا تبقى إلا الذكريات فلا تحرموا الأجداد من هذه النعمة وعيالكم من الأحقاد!
اقرأوا وتمعنوا في المعاني وعيشوها:
جداه.. جداه.. واجداه جداه... وحلقتْ عند دنايا الأرض عيناهُ
واستعبرتْ بالأذان الحر مئذنة... كانت تسامره واليوم تنعاهُ
وأقفرَ البيتُ بعد الشيخ وانطفأتْ... أنوارُ أنس تنامت في زواياه
وراح جدي، ولاحتْ للغروب يدٌ... تحثو على القبر تبرًا حين واراه
مات الذي إن دنا منك امتلأتَ هدىً... وإن نأى أسعدتْ جنبيك ذكراهُ
حياته صفحة بالخير عاطرة... ليهنأ الموت، مِسكَا قد وهبناه
وراح جدي وصاحتْ في النخيل أسى... فسيلة كم سقتها الحب كفاه
لا.. لا تلمها، فراق الشيخ قاصمة... ما أفظعَ البين يا خلي وأقساه
فارحم إلهي فقيدًا سُلَّ من دمنا... واجعل جنانك مثوانا ومثواه
٭ النصيحة: أسأل الله الهداية للآباء والأمهات، والحكمة تعليم الأحفاد أن الأجداد والجدات (خط أحمر) ولهم الطاعة ولهم منا الدعاء بطول العمر في صحة وعافية.. في أمان الله.