[email protected]
قالوا: من تردد فاته القطار.. والمتردد لا يصل أبداً إلى مبتغاه!
جيلنا المخضرم عاش فترة الانقلابات التي تحكمها الدبابة!
وجيلنا المخضرم شاهد كيف انقلبوا على الحكم وسيطروا عليه بالدبابة والأسلحة!
وفي وقتنا هذا في السنوات الأخيرة رأينا كيف تُسقط «الكاميرا» الحكم سلميا!
وكيف يؤثّر الحراك الشبابي من خلال «السوشيال ميديا» في إسقاط الحكم!
ونظرة لمطالبهم تراها شبه موحدة: بدنا نعيش - بدنا نشتغل - نريد استرجاع آدميتنا - لا للواسطات والمحسوبيات - نريد تحسين أوضاعنا المعيشية والقضاء على البطالة والغلاء!
نحن آخر جيل الحشيمة ونعمل حساب كل شيء ونقدّر الموضوعات ونعمل اعتبارا للشخصيات ولا نتطاول على الرموز والكبار!
الحين نحن أمام جيل سلاحه «السوشيال ميديا» ويستخدم «الشبكة العنكبوتية» بطريقة تخدم مصالحه!
انظروا إلى الوراء إلى الثورات التي قامت فيما يُسمى بالربيع العربي، لقد «تراجع دور الدبابة وبرزت الكاميرا» في تونس والجزائر والسودان. واليوم كلنا نتابع ما يجري في لبنان الشقيق الذي يحبه ويعشقه أهلنا في الكويت!
اليوم نحن أمام مشهد جماهيري، انظروا الى مدن لبنان، ما الذي جمع كل هؤلاء الشباب؟ أليست الكاميرا؟
أليست سطوة الإنترنت وفروعها العنكبوتية في التواصل الاجتماعي؟
إن الناظر في تحركات الشباب يعي تماما أن «القائد» الحقيقي لهم هو «النقّال» وهو سلاحهم في مواجهة كل الأحداث، ولا عجب ان وجدت احتجاجات كبيرة من أي شعب تقطع عنه الإنترنت!
السلاح الجديد في العالم المحرك للشعوب هو جهاز «الميديا» ومن يحكم هذا «الأخطبوط» يحكم العالم لأنه يستطيع أن يوجهه ويعرف خباياه!
في السابق كان «العسكر» هم الذين يحكمون ويحسمون الأمر، وتبدل الحال وصارت «الكاميرا» هي التي تحدث الانقلابات!
نعم.. جلسنا على مقاعد الدراسة وتعلمنا أن الثورة وراءها ثوار وسرعان ما ينقض «العسكر» على ثورة الثوار، ذلك زمن قد ولى إلى غير رجعة!
إننا نعيش اليوم في زمن الفتن والتقلبات والبطالة والفساد والبطانات الفاسدة و«غول» أكل الكيكة!
أضحك.. عندما أتذكر سطورا وكلمات أمثال تشي جيفارا القائل: الثورة يفجّرها مغامر.. ويخوض غمارها ثائر.. ويجني ثمارها جبان!
فيما يقول فيدل كاسترو: الثورة ليست سريرا مفروشا بالورود.. الثورة صراع حتى الموت بين الماضي والمستقبل!
ولعلي هنا أستشهد بقول جون كينيدي الرئيس الأميركي القائل: هؤلاء الذين يقومون بثورات سلمية لا يستطيعون منع ثورات دموية!
فيما يقول الرئيس توماس جيفرسون: الثورة على الطغيان طاعة للرب!
٭ ومضة: آن الأوان أن تستحضر كل هذه المشاهد التي رأيناها سابقا في نزول الدبابات الى الساحات الرئيسية في المدن وهو مشهد «زائل» لن يتكرر أمام الحراك الشبابي الذي بات يستخدم البديل الالكتروني في صنع ثوراته!
ولنعلم أن الشيء الوحيد الثابت هو التغيير المستمر، لأن التقدم مستحيل من دون تغيير، وآن الأوان لمن يمارسون «عقلية الدبابة» انهم أمام مشهد الكاميرا لا يستطيعون تغيير أي شيء!
الشباب العالمي اليوم يتعلم بعضه من بعض، وشعارهم كما رفعه الزعيم الهندي غاندي: علينا أن نكون نحن التغيير الذي نود رؤيته في العالم!
٭ آخر الكلام: أبسّط لكم الأمر (نحن جيل الحشيمة) وايد عندنا أخلاق ومبادئ وقيم ويرضينا الشيء القليل، أما هذا الجيل المعاصر فلا تستطيع أن تحجره وتمنعه فهو صاحب إرادة فظيعة في العناد وإن وقفت أمامه تجاوزك لأنه مقتنع بالتغيير وليس له ثوابت!
زبدة الحچي: اليوم نحن في كل المشاهد نرى شبابا يقومون بالتجربة والمحاولة لتغيير الواقع (سلميا) بعيدا عن أسلوب (الدبابة)!
ودواعي الحكمة تقتضي أن تعالج مطالبهم سلميا، والمصيبة ان تم الأسلوب القمعي بالقوة، فهنا تسيل الدماء!
وإني وغيري رأينا أن «مصباحهم» هو «التويتر - الفيسبوك - الانستغرام وكل الشبكة العنكبوتية» وميدانهم للمناورة هو سلاح «الميديا»!
ومن خلال هذه التجارب التي مرت عليهم «صارت» هناك «ثقافة جديدة» يرمز لها هذا البيت الشعري:
عرفت بما جربت أشياء جمة
ولا يعرف الأشياء إلا المجرّب
وقد قالها ابن المقفع: طول التجارب زيادة في العقل!
وهكذا نجد أن لسان التجربة أصدق!
أيها القراء في كل مكان إن «عين الحكمة» تستوجب على الدول أن تنتبه للحراك الشبابي (ماكو غشمرة).. وانسوا الحشيمة!
شباب في عمر الورد (خريج وعاطل عن العمل) ويعاني من أوضاع معيشية صعبة وسيفعل المستحيل لتغيير واقعه!
اليوم «الميديا» تعلمهم أن يكونوا أحرارا من أمة حرة يرفعون مطالبهم (سلميا) لكن (الحذر) من مواجهتهم بالقوة وإنما بتفهم مطالبهم لأنهم يحتمون بالكاميرات وليس الدبابات!
رسالة عميقة للشعب العربي في مشارق الأرض ومغاربها لعلنا نستوعبها بعين الحكمة والرؤية والتفهم المسؤول!..
في أمان الله.