[email protected]
إذا بلغك عن أخيك، أختك، صديقك، رئيسك.. «إلخ» أمر.. فالتمس له العذر، وقل: لعل له عذرا لا أعلمه، لا يمكن لشيء أن يجعل الظلم عدلا إلا التسامح!
وإن كان في ديننا ما يعلمنا (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 179.
احكام القصاص تُطبق حتى لا يجور الإنسان على الانسان!
التسامح خلق جميل في الحياة، وما أجمل أن تمارس هذا الخلق الرفيع النبيل مع من هم في مجتمعك وبلدك!
التجربة الحياتية تورثنا قاعدة: إذا كنت لا تسامح فأبشر بالمعاناة!
إذن، هو مثل التمرين الرياضي مارسه تعتده، وتحدث تغييرا في حياتك، وهو بالفعل من مراتب قوة الشخصية، وهذا ليس معناه التنازل أو التساهل مع الآخرين، بل معناه بكل صراحة أنك تمتلك نفساً تعي الحقوق والواجبات وتتغاضى عن الزلات، وهذا الخلق اليوم (يدرس) وهو واحد من المبادئ الإنسانية العظيمة التي تحكم الشعوب، ولأن ديننا الإسلامي يوجهنا إلى ممارسة هذا الشعور مع الناس!
مررت في الحياة بكثير من هذه المواقف ودائما تجدني منحازا الى الشعور بالرحمة والتعاطف والحنان والسمو والرفعة، لأن هذا مزيل (للسخم الأسود الموجود في الصدر)!
إن ذات الإنسان السلبية هي التي تغضب وتريد دائما أن تأخذ بالثأر وتعاقب، بينما الإنسان يسمو إذا سامح وصفت نفسه عن الدنايا مع الآخرين.
عوّد نفسك ألا تعتبر التسامح انكسارا أو هزيمة والجأ الى الصمت وارفض فكرة الانتقام، واعلم أن التسامح زينة الفضائل، وأعقل الناس من يعذر الناس ويتمسك دائما بالصفح بعيدا عن الحقد وهمّ العداوات!
العفو والمسامحة رأس الفضائل ورفض الكبر والطاووسية والغرور!
علمونا أهلنا «الهون أبرك ما يكون!».
التسامح يلزمك بنسيان الماضي بالكامل وفتح صفحة جديدة، وإذا كان رب العباد دائما يحثنا على الصفح والتسامح لأنه الغفور الرحيم، فحري بنا أن نستجيب لهذا النداء الرباني!
ما أجمل أن تنضم الى قوافل الشجعان الذين لا يخشون التسامح من أجل السلام وتحويل المعاناة والألم والأحقاد الى أمل للمستقبل!
٭ ومضة: مسؤولية (التسامح الحق) هو على إطلاقه دون قيود أو شروط (تريح نفسك) ومن هم حولك!
بشرط ألا يكون (موضع الخلاف) الوطن ومصلحته العليا لانها فوق كل اعتبار؟
كلنا نقبل بالتسامح والعفو والمصالحة لكل (مواطن)، لأن الإنسان ليس معصوما وكل البني آدم خطاء!
باب التوبة والاعتذار مفتوح، ولكن ليس لمن (جمع أو خزن الأسلحة والمتفجرات للإضرار ببلدي وشعبي)!.. هذه «خط أحمر»!
يقول نيلسون مانديلا: التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل!
٭ آخر الكلام: التسامح هو الذي يعطي للصواب قوته وقدراته على الامتداد وتحقيق النصر ولا يوجد في قواميس العالم أكمل من التسامح لأن التسامح شيمة الأقوياء!
٭ زبدة الحچي: طوال حياتنا المعيشية وفي الدراسة والمحاضرات والمنتديات والمؤتمرات والجلسات الخاصة نسمع القول:
يا رب علمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة وأن حب الانتقام هو أول مظاهر الضعف!
لقد قرأت القرآن الكريم ووقفت طويلا أمام الآيات:
- (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) المؤمنون 96.
- (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) الشورى 43.
- (..فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ..) آل عمران 159.
جميل أن تعفو وأنت القادر، فالمقدرة على النسيان علامة صادقة على العظمة وسمو النفس والإحساس بنقائص الإنسان وانه لا أحد معصوم من الخطأ!
شريعتنا وديننا يطلبان منا (.. فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) الحجر 85.
اقرأ واستوعب المقصود من هذه الأبيات الشعرية:
أتيت ذنبا عظيما وأنت للعفو أهلُ
فإن عفوت فمنٌّ وإن جزيت فعدل
قالها سيد البشر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك، وتحلم على من جهل عليك).
يقول الشاعر ابن الرومي:
خذ العفو واصفح عن أخ بعض عيبه
وإذا ما بدا وأرفق بمن أنت غامزُ
فإن هو أدى بعض حقك فارضه
فليس بمغبون أخٌ متجاوزُ
أحمد الله أنني في بلد (التسامح والإنسانية) ويحكمني أمير الإنسانية وشعبي من أكرم الشعوب وأجملهم دينا ووطنية وشعارنا دائما التسامح ويكفينا فخرا أننا عبر التاريخ سامحنا كل من اعتدى علينا من رفعة ومروءة وإباء.. يقول أحد الشعراء:
إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه
وكل امرئ لا يقبل العذر مذنب
وأقولها ختاما: يا رب.. إذا أساءت إليَّ الناس فأعطني شجاعة العفو والمسامحة لأن (العرب) شيمتهم على طول المدى العفو والغفران.. وإنني ومعي كل كويتي نفخر بأن «خُلقنا» دائما الصفح دون ضعف!
في أمان الله..