[email protected]
ما يدور في ساحتنا الكويتية خاصة بالميديا (التواصل الاجتماعي) من سب وقذف وعبارات جارحة فيها (طولة لسان وقلة أدب) كل هذا ليس من الكويت وأهلها بشيء، فهو قادم لنا وليس مستوطنا!
كويتنا القديمة وأجدادنا وآباؤنا رسخوا (ثقافة) طيبة وموروثا يمثل الإنسان الكويتي ويوحد أواصره مع أهله ومجتمعه ووطنه وحتى مع بقية العالم العربي والإسلامي الذي ينتمي إليه.
سأحاول ان أعطي عيالنا (الجيل الحالي) أوضاع بلدهم في حقب (الأربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات) يوم كان الوعي الثقافي مسيطرا على هذا المجتمع (المتماسك) في حين كان الجيران في قمة الجمود والتأخر!
الشعب الكويتي العريق الأصيل في عشرينيات القرن الماضي كانت عنده معارضة وانتخابات (تشريعية وشوروية) ومجالس تعليم بمعنى أدق نما وعينا (الثقافي) مترافقا مع وعينا (السياسي) بعد خروجنا من عباءة الحكم العثماني والمطامع البريطانية، والعجيب اننا الدولة الخليجية الوحيدة التي لها علاقات مع (روسيا القيصرية)!
لعب التجار الكويتيون دورا مهما في إدارة شؤون المجتمع الكويتي ونقل نواخذة البحر والبحارة بكل رتبهم البحرية ثقافة التعايش واحترام الآخر لأنهم ادركوا أهمية (الأخلاقيات) في الجانب الاقتصادي والبحث عن الهوية والسمعة كون الكويت (نقطة عبور) مؤثرة ما بين بلاد الرافدين والشام وبلاد السند وطريق الحرير، وضرورة التفاعل معها وبين هذا الدور (إبان الاحتلال العراقي) إذ وقف العالم بكل حكامه وشعوبه معنا.
لقد لعبت المباركية والأحمدية كمدارس وثانوية الشويخ بتخريج دفعات من (المخرجات الوطنية) في كل القطاعات بتبرعات الأهالي والتجار، ويكفي ان يعلم القارئ ان لدينا (الجمعية الخيرية الكويتية) التي انشئت عام 1913 على مستوى الخليج، وكانت تقوم بدور ثقافي كبير اضافة الى تبنيها التعليم وايضا اصول الدين عن طريق الدعاة والوعاظ، والغريب اهتمامها بالجانب الصحي بتوفير طبيب وصيدلي وايضا تجهيز وتكفين الموتى الفقراء ودفنهم.
هكذا كانت المؤسسات والمنظمات والهيئات والجمعيات في الكويت والأفراد الكل حريص على نشر الأفكار الإصلاحية.
يقول المؤرخ الفذ العلامة عبدالعزيز الرشيد البداح: أسلم إبان فتح الجمعية رجال من اليهود والنصارى، وقامت الجمعية بإيوائهم وشد عضدهم خير قيام!
ولا ننسى المكتبة الأهلية في عام 1922 بدعم من المحسنين من أهل الكويت، وهناك النادي الأدبي الكويتي الذي اقيم عام 1924 حيث كان صوتا ثقافيا في عشرينيات القرن الماضي وشاهدا على تحمل اهل الكويت القدامى رسالة الأدب والشعر والثقافة!
٭ ومضة: هذه بعض الجوانب المضيئة لكويت العشرينيات وما لحقها من عقود والتي توضح بجلاء (حركة التنوير) الكويتية، أقول لكم شيئا من التاريخ، شاعر الكويت الشيخ سليمان خالد العدساني ـ رحمه الله ـ يقول قصيدة تقطر (ثقافة) مرحبا بالشيخ الشنقيطي:
يــاقـــوم ان نزيلـــكــم
هذا هو الرجل الوحيد
الناطق الحق الصراح
وإنه في ذا فريد
اني وقفت خطيبكم
ياليت شعري هل أجيد
يا شيخ انت رجاؤنا
في نهضة النشء الجديد
٭ آخر الكلام: يرحب العلامة الشيخ عبدالعزيز الرشيد في (مهرجان خطابي) بالزعيم التونسي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي (تخيل تجمع ومهرجان) حينذاك؟ يقول:
هذا احتفال قد كُسي بجمال
فلمن أقيم على ذرى الاجلال
العالم ملأ القلوب بهيبة
هي هيبة الآساد والاشبال
ان الزعامة باسمكم قد شرفت
وسواك يحسبها حُلىً ولآلي
ان الكويت تزينت بقدومكم
يا زينة الاقران والابطال
٭ زبدة الحچي: إذا كان تاريخنا في الأزمان الغابرة كله ثقافة، فلم تردى الوضع وصرنا الآن (اكثر قبحا) في الردود والتطاول وتاريخنا القديم مليء (ببصمة اهل الكويت) واطروحاتهم التغييرية نحو الافضل؟! فمن اوصلنا إلى هذا (الحضيض) الذي لا يمثل صورتنا، كان عندنا (مجلسان تشريعيان احدهما للبلدية وآخر للتعليم عام 1921)
من المسؤول عن هذا التردي المزري للالفاظ والعبارات المستخدمة؟ بهذا العرض غير المسهب (أترككم) جميعا تفكرون من أوصل الشعب الكويتي المثقف إلى هذه (المسبات) وقبيح الجمل والعبارات والمفردات؟
كانت بلادي الكويت رائدة الثقافة في الوطن العربي قبل ثلاثة ارباع القرن.. فمن اوصلنا إلى هذه المهلكة غير الفساد؟!
في أمان الله..