[email protected]
وراء كل رجل عظيم امرأة!
عنواني اليوم هو قول العجفاء بنت علقمة السعدي من ربات الفصاحة والبلاغة وضرب الأمثال في أمة العرب.
هذا المثل يضرب في عجب الرجل برهطه وعشيرته، وأول من قال ذلك العجفاء بنت علقمة السعدي، وذلك لأنها وثلاث نسوة من قومها خرجن فاتعدن بروضة يتحدثن فيها، فوافين بها ليلا في قمر زاهر، وليلة طلقة ساكنة، وروضة معشبة خصبة، فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا كهذه الروضة روضة، أطيب ريحا ولا أنضر، ثم أفضن في الحديث فقلن: أي النساء أفضل؟ قالت إحداهن: الخرود الودود الولود، قالت الأخرى: خيرهن ذات الغناء وطيب الثناء، وشدة الحياء، قالت الثالثة: خيرهن السموع الجموع النفوع، غير المنوع، قالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها الوادعة الرافعة، لا الواضعة، قلن: فأي الرجال أفضل؟ قالت إحداهن: خيرهم الحظي الرضي غير الخظال (المقتر المحاسب لأهله على ما ينفقه عليهم) ولا التنبال، قالت الثانية: خيرهم السيد الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم، قالت الثالثة: خيرهم السخي الوفي الذي لا يغير الحرة، ولا يتخذ الضرة، قالت الرابعة: وأبيكن إن في أبي لنعتكن، كرم الأخلاق، والصدق عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق، قالت العجفاء عند ذلك: كل فتاة بأبيها معجبة. فذهبت مثلا.
أكتب اليوم هذه السطور لصاحبة التعليقات القارئة «أم نسيبة» التي لها اشتياق واعتذار ودعاء لروح والدها، طيب الله ثراه ومثواه.. وأعرف الكثير من الاخوة والأخوات يريدون معرفة هذا السر الإلهي ما بين الأب وابنته، فالكل يقول: البنت حبيبة أبوها.
وهذا الكلام صحيح لأن الله عز وجل عندما خلق سيدنا آدم عليه السلام اشتق له حواء من ضلعه الأيمن فهي دائما الأقرب له، وهكذا تجد الابنة روحها معلقة بأبيها والعكس مع الولد والأم فكلاهما مكمل للآخر.
إلى كل فتاة في هذا العالم: اعلمي ان أباك هو أكثر إنسان يخاف عليك، وقد تكوني في سن صغيرة وتحسبينه من كثر النواهي وكلمة لا ولا يجوز وما يصير انه كاره لك.
إنه على العكس أكثر إنساناً يخاف عليك وإن كان حياً فعليك بأخذ الأجر على مدار الساعة تقربا له وإن كان من الأموات ففرصتك الآن أن تبريه وبكل أنواع العمل الخيري والتطوعي والدعاء، أليس العالم كله يقول لك (إن البنت حبيبة أبيها)؟
أيتها الفتاة في مشارق الأرض ومغاربها، لا أخلق أعذارا لكل أب لكنني على يقين ان هناك سببا وراء الأب المهمل والأب القاسي.
إنها الحياة ربما تكون عليه صعبة ولا يجد ما يقدمه فيكون هناك رد الفعل القاسي المدمر.
أيها الأب العزيز على كل إناثه وأرحامه من شيم العرب (الحماية) للغريب، فكيف بمن هن من فلذات أصلابكم؟! فلا تكونوا عليهن قساة، واتقوا الله في القوارير وهذه وصية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
٭ ومضة: أكثر البنات في هذا العالم من كثرة ما تحب أباها تتمنى أن يكون زوجها على شاكلته ولكل فتاة سبب لهذا الشعور الجميل.
لا عجب إطلاقا فكل فتاة ترى في شخصية والدها النموذج المثالي في الحياة وكثير من البنات عندما تتزوج أول ما تقارن ما بين تصرفات والدها وزوجها، فإن كان الزوج (صالحا) فالحمد لله وإن كان (طالحا) فهذه بالنسبة لها (طامة كبرى) ومأساة لأنها بالأساس تسكن في قلب والدها والعكس صحيح، وهذا فارق على الفتاة تحمله بكل ما فيه من أوجه التشابه او الاختلاف.
نعم بكل ثقة أقولها: كل فتاة بأبيها معجبة ومنحازة لأنه (رجلها) الحقيقي وبعض الفتيات ترفض المتقدم لها ما لم يكن يشابه والدها.
تكمن مشكلة (الابنة) في انها تفكر دائما بأن الزوج سيعاملها مثل والدها تماما، فإن حدث العكس كان الزلزال.
٭ آخر الكلام: أيتها الابنة المحبة لوالدها النصيحة اخرجي من عنق الزجاجة وانظري ما حولك ولا تقارني بين (أب ـ وزوج).
والدك نبض العاطفة وزوجك يريد أن يملك العاطفة.
والدك يملك الخبرة الحياتية وزوجك ربما يكون سفيها ومدللا وذا صحبة رديئة وتفكيره دائما سلبيا وهذه قمة المشكلة.
قد يكون والدك صاحب قيم ومبادئ وخبرة وحكمة وزوجك في بداية الطريق (مفلس) حتى الآن.
لا تقارني عواطف والدك أبدا بمشاعر وأحاسيس زوجك حتى لا تصدمي!
٭ زبدة الحچي: نصيحتي لكل ابنة في هذا العالم أحبي والدك على طريقتك ولك الحق في ذلك، فلا أحد من البشر يعادل الأب والأم، وكلاهما في السياق العام (أخلص وأوفى الناس) لك.
احبي والدك وهذا حقك فلا تخلطي المشاعر والأحاسيس بين الأب والزوج.
كلاهما غير، وضعي المشهد كله دائما ماثلا أمامك، فأنت أنثى رباها رجل بكل المحبة والدلال ويموت وهو على هذه الحال ما لم تكوني عاقة.
زوجك بحاجة الى إعطائه (مملكة زمام القيادة) واستخدمي في هذا ذكاءك العقلي وقانون المقارنات فليس من الحكمة أبدا عقد مقارنة بين الزوج والأب.
أصلا لا يجوز هذا لأن الأب له مرتبة عليا لا يقارن بها مع أي إنسان آخر.
الأب صرف عليك دم قلبه حبا واحتواء وخوفا وفخرا، وهذا زوج أخذك جاهزة من بيته، فكيف بالله عليك المقارنة؟
قانون إثبات المحبة وتطوير العلاقة يكون بيد الفتاة الحكيمة العاقلة!
أيتها الابنة: مهما طال الوقت فهناك رحيل واعلمي ان (والدك) ليس له أبدا مثيل.
اشغلي وقتك بكل ما هو جميل واحرصي على طاعة والدك وزوجك، فكلاهما مسؤول عنك ولكن بدرجات متفاوتة، واحفظي هذه القاعدة: الرجال صنيعة أمهاتهم!
وتذكري ان والدك بالأساس رجل منحاز لامرأة هي أُمه!
وقبل أن أغادر مقامي هنا الوصية لكل من الطرفين: الحياة صعبة وتحتاج الى أب يقوم بممارسة دوره، وزوج يتفهم ان هذه الأنثى التي بين يديه تربية رجل هو في كل الأحوال حاميها من تكبّره وجبروته، فاعلم جيدا هذه العلاقة تفز بالقلبين: قلب الأب وقلب ابنته..
في أمان الله..