[email protected]
في الحياة هناك قصة لكل مريض!
وفي الحياة أناس يحملون همّ المريض والقيام باحتياجاته وشؤونه، متحملين في ذلك عبء المسؤولية، ألسنا نقول: ليس المريض مريضا وإنما من يقوم بأمر المريض؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» رواه مسلم.
إذن، المرض ابتلاء من الله عز وجل ولا مفر من هذه الأقدار، والله وحده كاشف كل الأسقام ودافع الأكدار والشدائد والكروب.
في الحياة مرضى وأصحاء، وهناك مرض عابر ومرض (مستوطن) ومريضه يحتاج الى عناية قد تكون طوال 24 ساعة.
دعوني في هذه المساحة أن أدعو معكم بالصحة والعافية لكل رجل أو امرأة تتحمل مريضا (أبا - أما - أختا - عمة - خالة - زوجاً... إلخ)!.. إن مرافق المريض هو المريض الحقيقي.
هناك بيننا وفي خارج الكويت صابرون كثر يتحملون مرضاهم في (صمت - وصبر)، راجين ثواب الله فقط، محتسبين الأجر منه (برا وصلة رحم)!
هي الدنيا هكذا، فكم من نعمة لو أعطيها لعبد كانت داءه، وكم من محروم من نعمة حرمانه شفاؤه!
المرض والمريض (حكاية) مستمرة لا تذكر بعجالة ولن توفيها مقالة!
أسأل الله تعالى القدير أن يجعل في ذكرنا للمرض والتذكير بالمريض ما فيه لنا جميعا شفاء والحذر كل الحذر من يغتر بهذه الدنيا، قال تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ ..) العنكبوت: 64.
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد: 20.
سأجول بكم في (المرض) وأنتم معي تدركون أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وان الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط!
إذن، البلاء والاختبار عنوان محبة وطريق للجنة وما هذه الأمراض والأسقام من جملة ما يبتلي الله تعالى به عباده امتحانا لصبرهم وتمحيصا لإيمانهم، بل هي بالفعل وقفة (تأمل وتدبر) هي والله نعمة عظيمة تستوجب الشكر!
في الصحة والعافية ينسى كثير من البشر شكر الله على نعمائه وآلائه، وعندما يصاب بمرض أو يُبتلى بمريض تضيق نفسه ويتبرم، وفاته أن هذه سنّة الله في خلقه ما جعل عسرا إلا جعل بعده يسرا!
ولرب نازلة يضيق لها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
لا شك أن نعمة الصحة هي تاج على رؤوس الأصحاء ولا يقدرها إلا من فقدها، ولهذا نستذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري.
لقد أكرمنا الله عز وجل بوجود دواء لكل داء لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» متفق عليه.
اليوم الطب البشري يتطور، وكثير من الأمراض بات لها علاج ناجع وهذا (خليل الرحمن) يصدع في يقين الواثق: (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء: 80.
إذن، الله عز وجل هو الذي يهيئ لنا الأسباب ويرفع البلوى، وقد يسر الله لنا أيضا (الراقي والرقية) وهي نعمة من الله للعبد يستعين بهما على مرضه وسقمه والقرآن الكريم كله شفاء ورحمة.
تبقى النصيحة في حال المرض أن يكون لديك (يقين صادق) وقلب خاشع والخيارات مفتوحة (الطب البشري - الطب البديل - الرقية) كلها أدوية مباحة، وإياك وإساءة الظن بالله أو السخط والجزع، فاحرص على كتم آلامك واحذر من نشر مرضك على سبيل الشكوى والاعتراض!
إن الوضوء والصلاة للمريض (نعمة النعم)، ففيهما يتطهر من أدرانه ليقف بين يدي ربه.. عزيزي القارئ: شفى الله مرضك وشفى مَريضك.
٭ ومضة: كان رسولنا صلى الله عليه وسلم والصحابة يزورون المرضى ليخففوا عنهم شدة المرض والابتلاء، وكثير من الأحاديث الشريفة تدعونا الى «عودوا المريض» من دون تحديد لديانته ولا جنسه!
وهناك آداب لزيارة المريض بأن تختار الوقت المناسب للزيارة وألا تطيل الجلوس عنده وأن تغض بصرك وأن تقلل من أسئلتك وأن تدعو له ومن يخدمه وأعطه التفاؤل والثقة بدلا من الإحباط وإثارة الجزع في نفسه!
عيادة المريض هي نزول الرحمة والمغفرة والأجر من الله عز وجل.
٭ آخر الكلام: تحية وثناء لكل إنسان يقوم بأمر المرضى من والديه، أرحامه، أصدقائه، جيرانه... إلخ.
ما تقوم به خدمة لهذا المريض أو المرضى من أزكى الأعمال عند الله تعالى وأحبها الى الرحمن وأعلاها إشراقا وأكرمها مروءة الإحسان الى هذا الضعيف المريض والقيام بحوائجهم وشؤونهم.
وهنيئا لكل (إنسان) يعطي من وقته لوالديه ومرضاه ويبذل عمره ووقته وجهده في صنائع المعروف.. أبشر والله بالرحمة والمغفرة من الله والعفو والرضوان.
٭ زبدة الحچي: قرائي الكرام في الداخل والخارج، لنحمد الله عز وجل على نعمه الكبيرة وآلائه الكريمة (نعمة الصحة والعافية) ففي الأول والآخر، اللهم أدم علينا الصحة في الأبدان وفي البنان.. وتبقى الحقيقة: الدنيا دار نصَب وابتلاء!
الراحمون يرحمهم الرحمن، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
أيها القارئ المبتلى بمرض أو قائم على أمر مريض أو مرضى نوصيك خيرا بمن هم (تحت عونكم) واعلم أن ما تقدمه سيعوضه الله لك أضعافا مضاعفة، ففي الحديث الشريف: «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم».
أيها المرافق للمريض المشفق عليه، احتسب أجرك على الله ولا تتضجر من هذا العمل الإنساني النبيل، فأنت القادر على إدخال الابتسامة والبهجة، فالمريض الكبير يتحول كالطفل الصغير لأنه بحاجة الى حنان وتلطف وإيمان!
وأخيرا: شكرا نقولها لكل صانع جميل، واحرص على أن تصنع لمريضك ما تحب أن يُصنع بك في حال مرضك!
الأيام دول والليالي حبلى وما تدري نفس ماذا تكسب غدا والجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان!
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشافي كل مريض ويثيب كل من يقوم على أمر مريض.
إلى كل من توسوس له نفسه في المرض أو المريض الآن نقول له: أبشر والله بسعدك وأجرك من رب الأرباب، فأنت إنسان نبيل سموت بإنسانيتك وارتقيت بها وتخدم من يستحق منك الخدمة والرحمة.. فأجرك على قدر جهدك وعملك وما عند الله أكثر، فيا رب اجعلني وقارئي الكريم والمرضى ممن رضيت عنهم.. قولوا آمين.. في أمان الله.