[email protected]
قارئي الأثير في كل مكان الذي أتحاور معه كل يوم في قضية..
هل سألت نفسك مرة: لماذا استعاذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من قهر الرجال؟
نعم.. شيء صعب جدا يخلي الرجل يقهر.
ويوصله هذا اليأس الى مرحلة العجز ثم القهر!
رجال كثيرون في الحياة ماتوا كمدا وقهرا، خاصة الذين تُهدر كرامتهم أو شرفهم أو دينهم!
رأيت القهر في وجه رجل سوري حصد الموت كل عائلته.
ورأيت القهر في وجه لاجئ هنا وهناك ليس له بطانية وأكل ودواء لأسرته التي تموت في هذا البرد الزمهرير في بعض بلدان العالم.
نعم.. في حياتي مت قهرا يوم دخل علينا (العراقيون الصداميون) واحتلوا وطننا في ساعتين.
ومت قهرا يوم رأيت شعبي في الخارج يعيش اللجوء والتشرد.
ومت قهرا يوم دخلت البوسنة والهرسك أحمل هويتي الصحافية «الأنباء» ورأيت الرجال تقتل والنساء تُسبى والأطفال غنائم توزع على دور التبشير.
كم من وزير نظيف اليد رأيناهم في السنوات التي مرت لم يعد توزيرهم.
ويعاد من لم يقم بدوره بمسؤولياته.
كم من رجل أصابه الحيف والظلم والكمد والقهر!
لقد استعاذ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من الفقر والقهر.
واليوم نجد أنه صدق، خاصة ونحن نرى الأمة واهنة ضعيفة حزينة!
نعم، يأتي عجز الرجال عندما يرى عجزه في دفع الضرر عن نفسه وعياله وأهله.
انظروا حوالينا إننا غثاء كالسيل أمة مهزومة وهذا يعني أن الرجال أصحاب الضمائر الحية المحافظة على الدين يعون أنهم اليوم أمام قهر لا حصر له.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم».
كم من رجل ضالع في الدين وقهر الرجال لا حول ولا قوة معه في زمن طغيان وجبروت القوة الظالمة؟
ـ انظروا إلى إسرائيل وما تفعله بالفلسطينيين، أليس هذا هو قهر الرجال؟
ـ انظروا إلى الهند وما تفعله من إقصاء للمسلمين في محاولة تذويبهم وطمس هويتهم.
ـ انظروا الى (الصين) وما تفعله بالملايين من المسلمين في سبيل إدماجهم بالقوة لملتهم الإلحادية البوذية الشيوعية!
ـ انظروا ماذا تفعل (روسيا) وحلفاؤها في أهلنا بسورية على مرأى من العالم بكل شعوبه وحكامه علنا جهارا نهارا.
ـ انظروا الى (الروهينغا) كيف تم ترحيلهم بالقوة ويمارس على الرجال (القهر) في اغتصاب نسائهم وقتل أطفالهم والتهجير من قراهم.
صور لا حصر لها من (قهر الرجال) والله العالم وحده بالأوقات التي يمر بها رجال هذا العالم المقهورون وهم عاجزون عن دفع الضرر عن أنفسهم وأسرهم، وهذا وحده يولد القهر وأيضا الفرصة للانتقام!
إذن، القهر المقصود به هو كل مظاهر ومشاعر القهر وهي سلبية ناتجة عن أفعال مشينة تجعل الرجل يكفر بكل مباهج الحياة!
٭ ومضة: ويسألني صديقي (مصلي الفجر) عن كيفية التخلص من هذا القهر الذي صار مزمنا؟
الممارس هو اللجوء الى الله بالدعاء الخالص (اليقيني) لدفع هذا البلاء.
ورأيت في حياتي كثيرا من المقهورين (فضفضوا ما في صدورهم) وبعضهم يرتاح عندما يتكلم عمن ظلمه.
لكنني من واقع ما شاهدت ومارست، أرى أن (الرجل المقهور) عليه ان يتحمل هو نفسه قهره ويستعد لمواجهة مصيره وعدم الاستسلام أبدا، وهذا ما يميز بين الرجل والمرأة!
نعم، لا تستهينوا بالمرأة، فهي والله تتفوق بامتياز مع مرتبة الشرف في (الكيد) لا يُداس لها على طرف لكنها أبدا لن تتحمل قهر الرجال.
٭ آخر الكلام: ألخص لكم ما يجعل الرجل يصل الى القهر المطلق:
ـ الوقوع في الأسر أو القبض عليه خاصة عندما يكون الطرف الثاني عدوا لا يخاف الله.
ـ أن يرى الرجل أهله وأسرته في وضع ولا يستطيع أن يقدم لهم شيئا.
ـ أن يرى الرجل نفسه مظلوما أمام ظالم ولا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ـ أن يرى الرجل حتى في حالات السلم أنه غير قادر على إسعاد أسرته أو مساعدتهم.
٭ زبدة الحچي: باختصار عزيزي القارئ (قهر الرجال) الذي أقصده هو كل ما يصيب الإنسان من (قهر وهم وغم) بغلبة انتصر عليه بها وهو يعلم أنه على الحق وخصمه على الباطل.
إنه اليوم حال زمن كثر فيه الخبث والفساد وأصحاب الجوخ العچافة والرويبضات، ولهذا كله كتبت العظات والوقفات مع قهر الرجال.
متى تصل العطاش الى ارتواء
اذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد
وقد جلس الأكابر في الزوايا
وإن ترفّع الوضعاء يوما
على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي
فقد طابت مُنادمة المنايا
أتوقف عند أسماء الله الحسنى: القاهر والقهار وهو الذي تجري قدرته وعلوه وتفوقه وغلبته على جميع خلقه من الجبارين والفراعنة أزلْ اللهم عن كل رجل مظلمته وقهره واقصم ظهر كل جبار متغطرس يمارس قهر الرجال.. في زمن قهر الرجال.. اللهم آمين.. في أمان الله.