[email protected]
الإنسان مخلوق يبحث عن «معنى»، والمعنى كله في الدين والكتاب والسنة.
اليوم مع تراخي همم الدعاة وابتعادهم عما كان عليه سلفنا الصالح في خير القرون، يوم كان الداعية المسلم تراه في صورة تاجر وعظيم ومواطن ووافد ومن الدهماء يبلغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم «ولو آية»، لا يخاف في الله لومة لائم.
يومها كان الدعاة «قمماً» وليسوا «رمماً»، بل كوكبة معتصمة بحبل الله المتين ودينه القويم يومها فقط تجاوزنا الانحطاط وقاومنا الاستعمار بكل آثاره السيئة وجواسيسه وبطانته ثم تعاون الجميع في محاربة المناهج الفكرية المستوردة والمستمدة من الفلسفات المادية الملحدة التي أصبح كثير من «ناشئة اليوم» الجاهلين بالإسلام والمثقفين بالثقافة الغربية المستوردة يعجبون بها ويتحمسون لها، ويرون في هذا الفكر والإلحاد ومعتنقيه خلاص الأمة من ضعفها وتأخرها، وهذا منتهى السخف للأسف.
أيها الدعاة في كل مكان: من نصّب نفسه إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم. رحم الله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
كثير من الناس يحمل «الإسلام» مسؤولية الواقع الأليم الذي تعانيه أمتنا من جهل وتخلف وفقر، ولم يعلموا انما ببعدهم عن الإسلام كان ولا يزال وسيظل ما دمنا عن الإسلام مبتعدين، ولم يعلموا ان في دينهم العلاج والدواء.
نحن مقبلون على مرحلة قادمة صعبة يهمش فيها الجانب الروحي والقيم ويتنمر البشر على البشر في حرب معلنة على الإسلام في ظل تمييز عنصري، وتتحول حياتنا الى جحيم لا يطاق، حيث يكثر الإلحاد وينتشر الفساد والفكر المنحرف وتشن حرب شعواء على أمة الإسلام هدفها تربية جيل مبعد عن الإسلام باسم التحضر لأن الإسلام هو باختصار الإرهاب.
اليوم على الدعاة والمعلمين والآباء والأمهات الاهتمام بالدين وتعريف هذا الجيل بدينهم وهويتهم والالتزام بالكتاب والسنة.
ما أحوج مناهجنا المدرسية ومقرراتنا الجامعية إلى احتوائها على إسلامنا الخالد وعقيدتنا الإسلامية السمحة الوسطية لتحقيق منهج الله سبحانه وتعالى وفق التصميم الإسلامي لهذه الحياة الفانية والعمل لحصاد الآخرة.
سلطان الدين يجب ان يُعزّز ويمكّن من خلال تصحيح العقيدة والعبادة في الدعوة والتبليغ لتغذية الفكر والروح من خلال ما يلي:
ـ حب الله ورسوله وأمتنا الإسلامية جمعاء.
ـ الإخلاص لله عز وجل تعالى وتقواه ومراقبته واتباع أمره واجتناب نواهيه.
ـ التوكل على الله عز وجل.
ـ اغتنام النعم وشكر الله على نعمه الكثيرة.
ـ العزة للإسلام قادمة ولو بعد حين.
ـ دعوة الله تبليغها أمر واحب على المسلم.
ـ الصبر في الحياة على كل المنغصات.
ـ الرفق في الدين لأن الله عز وجل يريد لنا اليسر.
ـ الاهتمام بشؤون المسلمين والنصيحة لهم.
ـ إنما المؤمنون اخوة.. هذا هو دستور المسلمين الموحد.
ـ لزوم الجماعة والحرص عليها من الفتن والإشاعات والرجاف.
ـ اتباع كل أبواب الخير.
ـ فضل حفظ القرآن والعمل بما جاء فيه.
ـ ترك المعاصي والبعد عن الكبائر.
ـ النهي عن المجاهرة بالذنوب والمعاصي.
ـ اكتموا الأسرار واستعينوا على أموركم بالكتمان واستروا كل إنسان مؤمن.
ـ النهي عن التجسس واللمز والغمز والنميمة.
ـ اتباع آداب الخلاف في الحوار.
ـ احترام حقوق المسلم والبر بالوالدين وصلة الرحم.
ـ إفشاء السلام والنهي عن هجر المسلم.
ـ التمسك بآداب الحديث أثناء الزيارة والضيافة والتزام الحياء.
ـ أداء الأمانة وغض البصر وتجنب مواطن الفتن والتهم والإشاعات.
ـ التحذير من الكبر والاستعلاء والطاووسية والاستهزاء بالناس.
٭ ومضة: في السابق كانت المساجد صفوفها مليئة بالمصلين واليوم يا الله لا يكمل الصف الأول للأسف.
أين اعتياد المساجد والحرص على صلاة الجماعة؟
الآيات والأحاديث كثيرة في هذا الصدد، والسؤال: لماذا تراجع دور المسجد؟
أين المصلون من الشباب؟
لماذا غاب دور الدعاة؟
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وهي لها أدوار طيبة منذ تاريخ التأسيس حتى اليوم مدعوة لإعادة تفعيل رسالة المسجد وأدواره.
نريد همة الدعاة في تحبيب المصلين في المساجد.
لقد كانت دور العبادة تعلم ولها آداب وسنن في آداب اللباس وزينة كل مسجد، فالناس من الرواد كل له ذوقه ولباسه وعطوره.
وتبقى الحقيقة: تحت شمس الفكر الإسلامي الوسطي عرفت النور ورأيت القدوات وزاد إيماني.
٭ آخر الكلام: ما أحوج مساجد الله وبيوته في أرضه الى جهود المخلصين ورص الصفوف وتنقيتها من المزيفين الذين تراهم في «الميديا» ليس لهم هم ولا مطلب سوى إفراغ المساجد من المصلين بإلحادهم وكفرهم لتحقيق أهدافهم الخبيثة!
غزو الجيوش يمكن مقاومته، اما غزو الأفكار فلا.. «بع» ملابسك لكن احتفظ بأفكارك الإيمانية.
٭ زبدة الحچي: الذي ينظر الى الإسلام يعي انه أمام دين لا يموت ولا ينهزم أبدا وإنما التراجع والخذلان من المسلمين أنفسهم، ومن يستعرض التاريخ يجد ان رجال ونساء الإسلام المؤمنين واجهوا العنت ووجهت نحوهم سهام القتل والتشريد وطمس السيرة لكن بذرة الإسلام فيهم لم تمت بل ظلت حية.
أفكار الدعاة النشطين تحمل ثمارا طيبة وحملة الفكر المتطرف والإرهابي والإقصائي الى زوال مع تنامي المد الوسطي.
أيها الإنسان الوسطي المتوازن أنت (بستاني) حديقة أفكارك فلا تتبع أهل الهوى.
ولئن كان أبناؤنا اليوم يجهلون أمور دينهم وأبطال ورموز الإسلام، فهذا تقصير وزارات الأوقاف والإعلام والتربية وكل الجمعيات واللجان الدعوية.
إسلامنا عالمي وسطي وسيظل قول الرسول صلى الله عليه وسلم باقيا لن يتوقف بإذن الله تحقيقا لقوله كما رواه مسلم في صحيحه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله»، والذاكرة هي حارسة العقل.. فاحفظوا لنا عقولنا.. في أمان الله.