[email protected]
نحمد الله كثيرا أن مجتمعنا بالأساس محافظ ومتدين ولا يحب التشدد والتطرف ونحن وغيرنا من الشعوب الأخرى مقبلون على تغيرات وتحولات وأحداث يقودها الشباب في حراكهم وهم من مذاهب ونحل متناقضة متضاربة في الأعمار والسلوك ومن بيئات مختلفة وتربيات خاصة في ظل سيطرة الثورة الإلكترونية (الموجه الأول) وأيضا تزايد حجم الإلحاد والفكر المنحرف وعبدة الشيطان والكل يتنافس في إقامة الحجة لإقناع الناس بفكرهم المنحرف البعيد عن الفطرة وحجتهم المموجة هي دائما محاربة رجال الدين!
والهدف من كل هذه التحركات المريبة التي تتبناها حملة الفكر المضاد للدين هو إحكام السيطرة على المجتمعات الإسلامية المحافظة ووسيلتها، هذا الإعلام المنفلت المنحرف الذي يستهدف شرائح بعينها من مجتمعاتنا المحافظة، وأولاها فئة الشباب الذين يستخدمون الأجهزة الذكية ويطالعون المحطات الفضائية والأثير المفتوح أصواتا وصورا، ووسط هذا الخضم من المذاهب والآراء وقع الناس في حيرة لا يجدون منها مخلصا ولا يهتدون فيها طريقا يُشفقون من الكفر والانحراف عن طريق الإسلام، إنها مرحلة صعبة لا يسهل انضباطها أبدا!
المحافظون يطمعون في نعيم جنة الفردوس ويخافون لظى جهنم ولكنهم يعجزون عن دفع أسباب الكفر والانحراف والتطرف الليبرالي وتقصر طاقاتهم وعزائمهم عن مجاراتها لأن هذه الفئات تملك أجهزة الدولة الرسمية والإعلام بأنواعه ويبقى أصحاب الفكر المحافظ في حيرة ووجوم ويعجزون عن القطع برأي حاسم يسكنون إليه وهنا يتقدم العلمانيون والليبراليون بمساندة أصحاب القرار وجمعياتهم وإعلامهم المسنود بقدم ثابتة ونفس مطمئنة لكن دائما الانتخابات تقلب الموازين وتعيد للتيار المحافظ حقه المكتسب من مكانة في صفوف الناس لأن الناس مازالت تثق بهم وإن أخفقت بعض التجارب!
صدام المذاهب والنظريات الفكرية أمر طبيعي في المجتمعات البشرية على اختلافها وهو سنّة من سنن الله في خلقه وهو في أكثر الأحيان يتخذ شكل الصراع بين المحافظين وغيرهم من دعاة التطور المزعوم في معارك قديمة جديدة!
الجمود قد تجده هنا وهناك، لكن (الكويت) مهما أغلقت الأبواب والنوافذ تجد الناس دائما مستعدة، فالحياة متغيرة والناس بعد كل المعارك الانتخابية تجدهم مضطرين الى الجلوس مع بعض ليلائموا بين أنفسهم والواقع المتغير.
المحافظون دائما وأبدا هم المبادرون في كل الأحوال ويخرجون عن التبلد والجمود والركود لأنهم في دعوة لجعل مجتمعاتهم محافظة بعيدا عن تيارات الفكر الهدام والإلحاد فيبادر دعاة التحرر كالعادة لإعادة أسطواناتهم المشروخة: هؤلاء (متطرفون) يريدون أكل الكيكة وحدهم وهدفهم إقصاؤنا من مجتمعاتنا وهم بهذا يناقضون أنفسهم لأن لكل مجتهد نصيبا!
هم هكذا يخلطون الحق والباطل ولا يراعون فطرة الله التي فطر عليها الخلق كله وناموسه الذي لا يتبدل، وما أروع تصوير القرآن الكريم حين يضرب لنا الأمثال، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..)، الآن المشهد يستلزم من المحافظين إعادة الخطاب الإسلامي والأخذ بالاعتبار طموحات الشباب وآن الأوان للمدارس التقليدية أن تسلم الأمانة لهؤلاء الشباب!
قارئي الكريم: كن مستعدا فالزمن هذا حافل بالصراع بين القديم المحافظ على وسطية الدين ومغالاة التطرف وبين أصحاب الإلحاد والنظريات الغربية من ليبرالية وعلمانية وملحدين وعبدة شيطان!
دعوتهم اليوم لهذه الأفكار الهدامة التي لا تصلح لمجتمعاتنا أمر واقع يفرضه (الغالب المدعوم)!
هذه الفترة هناك تراجع اقتصادي وفساد سياسي وذمم متخمة بالرشاوى وتمارس الفساد علنا، وهكذا يمارس القوي الذي يملك كل مقومات الصدارة وإعلاء الصوت دوره كحال أي منتصر في صراع الأمم والحروب وكلنا يذكر خاصة الذين يقرأون التاريخ كيف غزا الرومان اليونان الإغريق! وكيف انتصر المسلمون العرب على أقوى قوتين وهما الفرس والروم!
قارئي الكريم: هذا الصراع الآن راح يؤجج ما بين تيار المحافظين والتيارات المناوئة الأخرى خاصة في (ظل صمت عجيب) للتيارات والجماعات المحافظة والذي نعيشه الآن والذي نشأ من تراجع الدعاة وأصحاب الحراك الإسلامي الوسطي، ما يعني أننا بكل صراحة مقبلون على أزمة ومتغيرات!
الناس كانت في السابق لا تقبل التطبيع وتجاهر بالصوت (رفضا) معلنا!
ارجعوا للتاريخ قليلا الى الوراء تذكرون عصر النهضة الأوروبية وكيف تراجعت الكنيسة، اليوم بكل صراحة هم يريدون تراجع المسجد والدعوات المسلمة الحركية وأخمدوا صوت المحافظين الوسطيين، ونظرة هنا وهناك تكفي!
٭ ومضة: أيها المحافظون في الكويت أول التحديات أقولها لكم توجيه التغريب على أسس علمية مدروسة وإعلام مبشر لها ومدارس تقدم التعليم التغريبي تحت مسميات جميلة (ثنائية اللغة)!
انظروا الى حجم ما تحتويه الشبكة العنكبوتية من برامج وفعاليات للشباب وماذا قدم أصحاب النهج الوسطي والمحافظ لهم بديلا.. «صفرا»!
لقد جعلوا الأجهزة الذكية وسيلة لإحياء حرب «داحس والغبراء» لا للتواصل والتقارب وإنما للتقاطع والتباعد!
أيها المحافظون، (التغريب) هو الاستعمار الجديد القادم لكم من الغرب وفي كل الميادين ويشمل السلوك الفردي والآداب الاجتماعية والفنون والبرامج الدراسية، لا بل (المناهج والمقررات) مؤتمرات وملتقيات هنا وهناك كلها تستحوذ على فكر الشباب في غياب تام من الجهات الرقابية!
هم يقدمون لهم (سمومهم) على أسس ودراسات علمية ونحن (نيام).
في عام 1947 انعقد مؤتمر برنستون وهدفه تغيير القيم عند المسلم وإدخال القيم الغربية بدلا عنها وبمنطقهم ونمط التفكير عندهم!
٭ آخر الكلام: الحرية والديموقراطية والدندنة بهما تطرب مسامع الشباب، هذان المسميان أصابا الشباب بتمزق نفسي خاصة في ظل أنظمة حاكمة لا تؤمن بالديموقراطية والحرية!
نحن نحمد الله أننا عندنا ديموقراطية وحرية، ولكن عندنا بالمقابل فساد لا يطاق خاصة اليوم والكل يتكلم عن الفساد والمفسدين ويكفي فضيحة (شوارع الكويت والمشروع الأخير الذي انهار في مشروع المطلاع السكني)!
نحن في بعض مجتمعاتنا العربية تجد (الحرية) نسبية والطاغي هي الديكتاتورية المفرطة!
إن لفظ حرية وديموقراطية جعل كثيرا من المجتمعات في حالة صراع حول هذين المسميين!
لقد صدق اليهود عندما قالوا: «أما غير اليهود فإنهم لا يستفيدون من تجارب التاريخ التي تمر بهم ولكنهم يتمسكون بنظريات روتينية دون تفكير بالنتائج التي يسفر عنها هذا المسلك، لذلك فنحن لا نعير غير اليهود أي أهمية، فليلهوا ما طاب لهم اللهو حتى ينقضي الوقت وليعيشوا على أمل ملذات جديدة أو في ذكرى متع سالفة وليعتقدوا بهذه القوانين التي أوحينا بها إليهم ذات أهمية قصوى... إلخ)!
٭ زبدة الحچي: مع انكفاء الدعاة وتراجع التيارات الدينية والمحافظة نقول إن ثمة (ثقافة) قادمة إلينا من الخارج هدفها شبابنا بكل أعمارهم، وهذه السياسة بدأ تطبيقها وهدفها اليوم كسر الطوق عن الكيان الإسرائيلي الصهيوني خاصة في غياب المرجعيات المؤثرة وتراجع التيارات المحافظة، وأرجو ألا تطول (نومة أهل الكهف)!
هناك قوة خفية غير ظاهرة تؤيد هذا الاتجاه فيما سمي بـ«صفقة هذا القرن»!
منذ عقود واليهودية العالمية الطامعة تحاول تقويض (الإسلاميين) تمهيدا لابتلاع فلسطين وهي تحاول جاهدة أن تفسد التفكير الإسلامي والمسيحي على حد سواء ونشر الفوضى الخلاقة التي بشرت بها كوندوليزا رايس حسب ما يتوهمون للسيطرة على (بترول وغاز) العرب وأسواقه!
أسباب ضعف التيار المحافظ تكمن في الاستسلام وما ينادي به أصحاب التيارات العلمانية والليبرالية من ضرورة فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية!
اعطني مدرساً صاحب رسالة لا موظفا وإماما داعية نشطا أضمن لك مستقبلا يتجه للصواب إلا من عصم الله ممن أضاء لهم الطريق فأبصروا والحق أبلج لا يلتبس بشيء، وقليل ما هم!
المرحلة الآنية والقادمة مرحلة حراك الشباب وهؤلاء لا يملكون الخبرة ولا تقدير الأمور، نحن جيل الحشيمة الى انقراض واندثار وتبوؤ الشباب المشهد فاستعدوا!
وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا به.
٭ نفخر به!
استقبال رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) عبدالرحمن النمش نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الشيخ ناصر صباح الأحمد وتقديم «أبو عبدالله» الإقرار النهائي لذمته المالية أثلج صدورنا وجعلنا نفخر بشيخ نظيف اليد والذمة، ولله الحمد.
في أمان الله..