[email protected]
ما هي قصة خاتون مريم؟
وما دورها في الإرسالية الأميركية في المستشفى النسائي الذي افتتح عام 1919؟
وما قصة مغلف البريد الذي حصل عليه الأستاذ الزميل خالد عبدالمغني لرسالة مرسلة من الكويت عام 1919 للممرضة ماري فان بيلت؟
وما قصة ما روته خاتون مريم عن وباء الجدري الذي داهم الكويتيين عام 1932؟
وقع في يدي عدد من مجلة العربي رقم 661 الصادر في المحرم 1435هـ الموافق ديسمبر 2013 أثناء مكوثنا في البيت تطبيقا لإجراءات الدولة في عام 1441هـ ـ 2020م بعد تفشي وباء كورونا.
ماري فان بيلت هي السيدة التي عرفت في الكويت باسم: خاتون مريم وتعني (سيدة) باللغة الفارسية، وقد عملت كممرضة في مستشفى الإرسالية الأميركية بالكويت في الفترة من عام 1920 الى عام 1939 اي قرابة عشرين عاما.
كان الباحث الكويتي الزميل الاستاذ خالد عبدالمغني قد حصل على هذه الرسائل التي تعود الى الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق مزاد لموقع على شبكة الإنترنت ومن ثم قدمها لمركز البحوث والدراسات الكويتية، ففي أواخر عام 1920 عينت ماري بيلت في الكويت لتبدأ مسيرتها الطبية وكانت الإرسالية الأميركية في الكويت قد أكملت المستشفى النسائي الذي افتتح عام 1919 تحت إشراف الدكتورة إلينور كالفرلي التي عرفت في الكويت باسم (خاتون حليمة).
كتبت ماري بيلت رسائلها بالحبر الأزرق والأسود على الورق ولم تستعمل الطابعة، لذا كانت مهمة ترجمة الرسائل شاقة تستلزم الاستعانة بلغويين على معرفة بأساليب الكتابة باللهجات الأميركية لتوضيح ما أمكن من عبارات.
كان خط سير الرسائل المكتوبة من عام 1932 حتى عام 1937 المرسلة من الكويت الى احدى مدن الولايات المتحدة الأميركية يبدأ بإرسال البريد برا الى البصرة ثم بغداد ـ الرطبة ـ غزة ـ القاهرة ـ الاسكندرية ومنها الى أثينا وإيطاليا عبر القطار الى باريس ومنها الى احد موانئ بريطانيا عبر المحيط بالبريد في السفن الى نيويورك وعبر القطار يرسل الى باقي الولايات اذ لم يبدأ البريد الجوي عبر المحيط الأطلسي إلا بعد صيف عام 1938، وتقدّر المدة من الكويت الى الولايات المتحدة بحوالي 3 أسابيع وقد تمتد الى أطول أثناء الأزمات والطوارئ.
وتعتبر رسائل «خاتون مريم» من المصادر الكتابية النادرة التي تناولت فيها بالتوثيق والرصد مشاهداتها وانطباعاتها عن المجتمع العربي الكويتي في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي.
تحدثت ماري بيلت مع صديقتها عن (يوم عيد الشكر) والمحاولات لترسيم السوق وصيانته في وسط المنطقة التجارية.
وتحكي لصديقتها عن وباء الجدري الذي داهم الكويتيين عام 1931، اما بالنسبة للعمل فقد كان كثيرا خلال الصيف، فلقد مات نتيجة تفشي وباء الجدري اكثر من 3 آلاف نفس وامتلأت بهم ساحة المقابر انه مرض الجدري الأسود! ومازالت الحالات تظهر والقليل ممن تكتب لهم الحياة يكونون مشوهين او مكفوفين، والشتاء سيكون قاسيا عليهم إن عاشوا وحصيلة الغوص على اللؤلؤ كانت قليلة هذا العام.
٭ ومضة: هكذا تأخذنا ماري بيلت الى زمن وباء الجدري الأسود أحسن من اي مؤرخ، حيث اهتمت بالتفاصيل وهذا ما نحرص عليه الآن في كتاباتنا من حيث التاريخ والأعمال التي صدرت ورموز المرحلة والأحداث وتسلسل تطور الوباء.
في ثنايا الرسائل كتبت ماري بيلت عن العباءة التقليدية وأن الكويت جزيرة العرب وتكلمت حتى عن الامتياز الخاص بالنفط وما حدث بين بريطانيا وبلاد فارس حول جزيرة قشم.
تحدثت ماري عن حرارة الصيف الشديدة وكيف كانت تعمل بمفردها لوجود بقية الزملاء في إجازة خارج الكويت.
وتناولت المطارات (الترمس) التي تحفظ الثلج.
٭ آخر الكلام: في رسالة ماري بيلت السابعة من شهر سبتمبر 1935 تتحدث فيها لصديقتها عن رحلة قبرص وجزيرة رودس وكيف ستكون مجبرة على تغيير مسار رحلتها إن حدث أمر الى سورية وفلسطين، وقد زارت نيقوسيا وبصحبتها عدد من الأميركيين.
في رسالتها الثامنة تتكلم عن شعورها بالوحدة وكونها غريبة عن هذه البقاع والتي تختلف في الدين والحضارة.
٭ زبدة الحچي: في سياق رسائلها لفت نظري قولها ان الشيخ أحمد الجابر الصباح عندما سافر الى انجلترا عام 1935 يقول الناس الذين تفاوضوا معه انه رجل صعب المراس عندما طرح المشكلة الفلسطينية.
وهكذا يثبت التاريخ ان حكامنا لم يتهاونوا في طرح هذه القضية.
تقول في آخر رسائلها: الراديو الفليبس الصغير هو متعتي الكبيرة لقد وصل اول نوع الى الكويت.
وتذيّل رسالتها لصديقتيها: لدي خاتمان فضيان تركواز لكل منكما خشيت أن أبعثهما لكما حتى لا تتعرضا للمتاعب مع الضرائب ولقد خمنت القياسات. المحبة ماري.
وبدورنا نشكر العزيزة ماري بيلت (خاتون مريم) على رسائلها التاريخية، وتذكرناها في الكويت.
في أمان الله..