[email protected]
في السبعينيات، بدأت نهضة دينية شملت كل ارجاء المجتمع الكويتي، وامتدت للجزيرة والخليج العربي كله، بل الى الوطن العربي والعالم الاسلامي، ووسط الاقليات، وهي بداية لصحوة كبرى صححت مفاهيم الدين وارجعت فتياتنا الى الحجاب والعودة الى تطبيق السنن مثل صيام الايام البيض والاثنين والخميس، وكان للمخيمات البرية دورها في تصحيح مفاهيم العقيدة، وارجاعها الى الكتاب والسُنة، وكان وراء كل هذا دعاة اصحاب همم عالية صححوا العقائد وناقشوا كل المستجدات بعلم شرعي، وحاربوا التكفير والغلو، فأحدثوا «صحوة كبرى» حصدناها في الثمانينيات والتسعينيات، حتى ان عدد غير المسلمين زاد في المجتمعات الاسلامية نتيجة هذا النشاط الاسلامي، خاصة في آسيا واوروبا والاميركيتين وافريقيا، وبرز دور الاقليات المسلمة في هذه المجتمعات، رغم تعالي «صيحات أعداء الاسلام» واحيانا «أبنائها» ممن يحملون الاسلام هوية فقط للاسف!
اليوم الناس «وعت» واصبحت تفرق بين الصادق والكاذب، والدين الاسلامي «وسطي» وقائم على الكتاب والسُنة، والداعية الذي يحمله يجب ان يكون خير من يمثله، لأنه يحمل دين الله الى خلقه، وهذا هو الفارق بين داعية عالم وآخر «جاهل»، ونحمد الله انهم قلة وبسرعة الناس تنفر منهم، وفي حياتنا شفنا وشاهدنا «الداعية الصادق الواثق» الذي يطرح الدين ويحسن التعامل مع الناس، فتكون له قاعدة عريضة تقف معه وتناصره، واليوم رغم قسوة وباء كورونا غاب دور هذا الداعية!
الغريب في عصر كورونا في 1441هـ الموافق 2020م أن دور الدعاة غاب، وكأنهم في خصام مع الاعلام، رغم وجود الشبكة العنكبوتية بكل تفريعاتها كي يستخدموها «لأن اجهزة الدولة رسمية» وتحتاج الى موافقات.
الدعوة الى الله في زمن الكوارث والنكبات دائما يكون قدوتنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما كان يخرج الى الناس في عز الاحداث والمواقف ليجيب عن كل تساؤل ويهدئ الروع ويعطي له من الحكمة والفطنة والحنكة، وسار الصحابة رضوان الله عليهم من بعده على نفس دربه، وكذلك في العصرين الاموي والعباسي، إلى أن سيطر الضعف على الدولة الاسلامية، واصبح «الدين مُحاربا»، وسبحان الله! كان الاسلام يحمي حقوق اهل الذمة ويعطيهم الحرية في الاعتقاد والتعبد، قال تعالى (لا إكراه في الدين)، وصان الاسلام والمسلمون لغير المسلمين معابدهم وكنائسهم ودور عبادتهم، ورعى حرمة شعائرهم، قال تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ـ الحج: 39).
وسبحان الله! تحول الغرب كله الى محارب لهذا «الدين القيّم»، واخيرا اليوم بدأنا رغم «كورونا»، فكثير من الدول الغربية طلبت اذاعة الأذان الاسلامي حتى في كنائسها كما رأينا في بعض العواصم الاوروبية، وهذا هو دور الداعية الاوروبي، فيما «نام» دعاة العرب والمسلمين اللهم الا من رحم ربي!
٭ ومضة: الاسلام ـ دين الله الخالد ـ جاء بأسمى التشريعات التي رفعت من قيمة الانسان بغض النظر عن دينه او معتقده او لغته او جنسه، ليس هناك دين بهذا المستوى من الاعتراف بكرامة الانسان، غير ان «الداعية» الحامل لهذا الدين إما ان يجعله سلسا طيبا او رمزا للتعصب المذموم والعنصرية وتأجيج المشاعر!
لقد ساد الاسلام قرونا، وامتدت ساحاته الى جميع القارات، واستظل به عشرات الشعوب بكل ألوانهم ولغاتهم وأديانهم!
ثم توالت الرأسمالية والشيوعية وسطوة الكنائس وبروز الصهيونية، وضُرِب الاسلام وحُوصِر، وساد الطغيان والظلم والحرمان، لكنه قاوم كل هذا وانتصر، واليوم يتمدد وهو الدين الاول في العالم بلا منازع.
٭ آخر الكلام: حملات كثيرة استهدفت الاسلام، حيث واجه عنصرية وسطوة حملات ومؤامرات دبرت له بعد سقوط الدولة الاسلامية العثمانية، وعرف العالم ماذا تعني الشيوعية والتمييز العنصري، وحدثت مذابح كبرى في البوسنة والهرسك والجزائر ومحاكم التفتيش والحبشة.. هكذا هي مدنية الآخرين!
وانا لا انكر ان هناك من التكفيريين واصحاب الضلالات ممن يحملون زورا وبهتانا رسالة الاسلام مثلما فعلت داعش وبوكو حرام وغيرهما كثير ممن يرفعون مسمى التوحيد وهم ابعد ما يكون عنه (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله)!
٭ زبدة الحچي: نريد داعية يحمل الفكر الاسلامي ويبشر به ولا ينفر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والدعوة الى الخير، يحمل الدعوة والتبليغ لجميع الناس في كل مكان، ويوازن ما بين الفردية والعمل الجماعي، وكلنا يعلم ان الدعوة الى الله هي وظيفة الرسل والانبياء، قال تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ـ النحل: 36).
وان يفهم «صح» ان الدعوة الى الله واجب كل مسلم ومسلمة، لكن الانسان «العالم» العارف لكتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو القادر على اداء هذه الرسالة.
القيادة الرسمية بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية هي خير من يوزع هذه المهام.. ونأمل ان تتحرك اكثر في الدعوة والفعاليات «عن بُعد» وادخال دعاتها وائمتها في دورات الكترونية، فكلهم اليوم يستخدمون الاجهزة الذكية وقادرون على التجاوب مع الدور الجديد المقترح لهم في ممارسة الدعوة «عن بُعد» بالتراسل الالكتروني وفق خطط وزارة الاوقاف وتفعيل احدى «محطات» الكويت للدعوة والدعاة بإشراف وزاري ومشاركة شعبية من المتطوعين.
انها دعوة لوزارة الاوقاف الى ضرورة تصدر المشهد الذي غابت عنه، وانا اعلم ان قياداتها فيهم الخير وكوادرها جاهزة لتطبيق كل ما يصدر اليهم بكفاءة، والتخطيط هو الاسلوب الامثل اليوم لممارسة الدعوة وتنبيه الناس بواسطة هذا «الكم» البشري الهائل من الدعاة. ان التخطيط الذي اقصده هو المبادرة الآن قبل فوات الاوان لاستغلال الطاقات والسير بالحاضر على هدى الماضي واستشراف المستقبل.
اتمنى ان تكون الرسالة وصلت لوزارتي الاوقاف والاعلام وللدعاة ايضا.. كورونا «ثقافة جديدة».. في أمان الله.