[email protected]
المرأة تحيا لتسعد بالحب.. والرجل يحب ليسعد بالحياة ويستعصي على النسيان ويستعصي أيضاً على التكرار!
إلى الباحثين عن الحب والرومانسية في الحياة الزوجية في هذه الحياة!
وإلى الباحثين عن قصة حب صحيح مثالي وواقعي سطره التاريخ وبقي رغم مرور الزمان!
وإلى كل الحالمات بزوج في هذا الزمن الكوروني الصعب!
وإلى الباحث عن الزوجة كـ«زينب» ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم الكبرى!
إليكم جولة في قصة «حب عظيم» مثالي بطلها أبوالعاص وزينب!
ذهب أبوالعاص الى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وقال له: أريد أن أتزوج زينب ابنتك الكبرى (أدب واستئذان وخطبة).
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا أفعل حتى أستأذنها (شرع الله)
ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب: ابن خالتك جاءني وذكر اسمك.. فهل ترضينه زوجا لك؟
فاحمر وجهها وابتسمت (حياء).
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجت زينب أبا العاص بن الربيع لكي تبدأ (قصة حب) قوية لاتزال تذكر حتى يومنا هذا في الزمن الكوروني 1441هـ الموافق 2020م. ومضت قصة الحب والزواج ثم بدأت مشكلة جديدة وكبيرة (عقيدة)، حيث بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم نبيا، وكان أبوالعاص مسافرا وحين عاد وجد زوجته أسلمت!
حضر فقالت له زينب: عندي لك خبر عظيم، فقام وتركها ولم يرد عليها احتراما!
فاندهشت زينب وتبعته وهي تقول: لقد بعث ابي نبيا وأنا أسلمت!
فقال: هلا أخبرتني أولا؟
قالت له: ما كنت لأكذب أبي، وما كان ابي كذابا انه الصادق الأمين.
ولست وحدي لقد أسلمت أمي وأسلم إخوتي وأسلم ابن عمي علي بن أبي طالب وأسلم ابن عمتك عثمان بن عفان وأسلم صديقك أبوبكر الصديق!
فقال: أما أنا فلا أحب الناس أن يقولوا خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لزوجته، وما أبوك بمتهم فهلا عذرتِ وقدرتِ؟ (حوار راقٍ بنّاء).
فقالت: ومن يعذر إن لم أعذر أنا؟.. هكذا هي «الزينب»!
ولكن أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه (فهم واحتواء)!
ووفت بكلمتها هذه وصبرت 20 سنة (يا الله كم شهرا وكم سنة)؟ وهذا صبر «الحبيبة» الصادقة!
ظل أبوالعاص على كفره ثم جاءت الهجرة فذهبت زينب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله أتأذن لي أن أبقى مع زوجي؟ (إنه الحب)، فأذن لها صلى الله عليه وسلم (رحمة بها).
وظلت بمكة إلى أن حدثت غزوة بدر وقرر أبوالعاص أن يخرج للحرب في صفوف جيش قريش ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
موقف عظيم تمر به زينب الصابرة الحبيبة: زوجها يحارب أباها!
فكانت زينب تبكي وتقول: اللهم إني أخشى من يوم تشرق شمسه فييتم ولدي أو أفقد أبي!.. (حيرة وخوف ورجاء).
ويخرج أبوالعاص بن الربيع ويشارك في غزوة بدر وتنتهي المعركة فيؤسر أبوالعاص وتذهب أخباره لمكة فتسأل زينب الحبيبة: وماذا فعل أبي؟
فيقال لها: انتصر المسلمون، فتسجد لله شكرا.
ثم تسأل: وماذا فعل زوجي؟
فقالوا: أسره حموه! فقالت: أرسل في فداء زوجي (عقل وتأنٍ) ولم يكن لديها شيء ثمين تفتديه به إلا عقد أمها (خديجة) التي كانت تتزين به، وأرسلت العقد مع شقيق أبي العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جالسا يتلقى الفدية ويطلق الأسرى وحين رأى عقد خديجة سأل: هذا فداء من؟ قالوا: هذا فداء أبي العاص بن الربيع فبكى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: هذا عقد خديجة! ثم نهض وقال: أيها الناس إن هذا الرجل ما ذممناه صهرا فهلا فككتم أسره؟ (عدل ومشورة).
وهلا قبلتم أن تردوا إليها عقدها؟ (تواضع حاكم قائد).
فقالوا جميعا: نعم يا رسول الله (أدب الحاشية والجنود)!
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم العقد ثم قال له: قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة، وهذا درس للنساء لا تفرطن بالعقود الغالية!
ثم قال له: يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟ ثم تنحى به جانبا وقال له: يا أبا العاص إن الله أمرني أن أفرق بين (مسلمة وكافر) فهل رددت إلي ابنتي زينب؟
فقال: نعم (رجولة)!
وخرجت زينب تستقبل أبا العاص على أبواب مكة فقال لها حين رآها: إني راحل فقالت إلى أين؟ قال: لست أنا الذي سيرتحل ولكن أنتِ سترحلين إلى أبيك (تنفيذ الوعد والعهد)!
فقالت: لمَ؟!
قال: للتفريق بيني وبينك فارجعي إلى أبيكِ.
فقالت: فهل لك أن ترافقني وتسلم؟ فقال: لا!
فأخذت ولدها وابنتها وذهبت إلى المدينة (طاعة لأوامر والدها).
وعلى مدى ست سنوات تقدم لها خطاب كُثر كانت ترفضهم على أمل أن يعود إليها زوجها (وفاء)!
وبعد 6 سنوات كان أبوالعاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام وأثناء سيره يلتقي مجموعة من الصحابة ويفقد قافلته، فسأل على بيت زينب وطرق بابها قبيل أذان الفجر (ثقة)، فسألته حين رأته: أجئت مسلما؟ قال: بل جئت هاربا!
فقالت: فهل لك إلى أن تسلم؟ (إلحاح المحب)!
فقال: لا.
قالت: فلا تخف مرحبا بابن الخالة مرحبا بأبي علي وأمامة وبعد ان أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد قد أجرت أباالعاص بن الربيع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل سمعتم ما سمعت؟
قالوا: نعم يا رسول الله، قالت زينب: يا رسول الله إن أبا العاص إن بعد فهو ابن الخالة وإن قرب فهو أبوولد وقد أجرته يا رسول الله فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يأيها الناس إن هذا الرجل ما ذممته صهرا وإن هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي، فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود الى بلده فهذا أحب إلي وإن أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه (منتهى الشورى).
فقال الناس: بل نعطيه ماله يا رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرتِ يا زينب!
ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها: يا زينب أكرمي مثواه فإنه ابن خالتك وإنه أبوالعيال ولكن لا يقربنك فإنه لا يحل لك!
فقالت: نعم يا رسول الله (طاعة).
فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع يا أبا العاص أهان عليك فراقنا؟ هل لك أن تسلم وتبقى معنا؟
قال: لا، وأخذ ماله وعاد إلى مكة.
وعند وصوله إلى مكة وقف وقال: أيها الناس هذه أموالكم هل بقي لكم شيء؟ فقالوا: جزيت خيرا وفيت أحسن الوفاء، قال فإنني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (نعمت الهداية).
ثم دخل المدينة فجرا وتوجه الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: تعال معي، وقف على بيت زينب وطرق الباب وقال: يا زينب إن ابن خالتك جاءني اليوم يستأذنني أن يراجعك، فهل تقبلين يا زينب؟
فاحمر وجهها وابتسمت.
بعد سنة من هذه الواقعة ماتت زينب فبكاها أبا العاص بكاء شديدا وقال للرسول صلى الله عليه وسلم ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب!
ومات بعد سنة من موت زوجته زينب ـ رحمهما الله.. هذه هي زينب «المرأة والحبيبة والزوجة»!
هذه قصة تروى في الزمن الكوروني (قدوة لكل المحبين رجالا ونساء على مر الزمان والأجيال).. في أمان الله.