[email protected]
سبعة قضاة أُوقفوا عن العمل للتحقيق معهم، هذا أمر طبيعي ومعمول به في كل المجتمعات المتحضرة، غير أن المشكلة ليست هنا وإنما بأسماء قضاة زُجّ بهم في (السوشال ميديا) ببعض الحسابات الوهمية كالعادة والتي ظلمتهم وشَهَّرت بهم دونما أي اعتبار، ولم يخرج حتى الآن أي خبر يبرئهم أمام ناسهم وأهليهم والمجتمع برمته، والأمر يحتاج من جهة العمل إصدار تصريح إما يبرئ ساحتهم أو يدينهم، أو نشر فقط أسماء من أوقفوا! وهكذا تجلى الحقيقة!
في هذا الزمن الكوروني استسهل الكثير إلقاء الاتهامات دون دليل لتصفية الحسابات دونما أي اعتبار إنساني أو أخلاقي!
في هذا الزمن الكوروني علينا أن نحذر لعبة تناقل الأخبار غير الصحيحة، خاصة في المنازعات والخصومات، خاصة الآن مع موجة التحقيقات مع الفاسدين وما أكثرهم!
تعودنا أن نقرأ ونشاهد مختلف أشكال الفيديوات، لكن الغريب فعلا أن نرى الأمر يتطور لينال «القاضي والمستشار» وهذه رموز لا يجوز الخوض في ذممهم وحياتهم لأن تناول مهام عملهم وسيرتهم وشخوصهم يحكمه المنع لا الإباحة فمن يحميهم من هذه الحسابات الوهمية؟ وربما هذا العمل يستهدف إشغالهم عن القيام بمسؤولياتهم!
في الإسلام القاضي له مكانة رفيعة، فلا يعتلي هذه المهنة إلا من توافرت به شروط امتهان أركان القضاء وهي: القاضي - المقضي به، المقضي فيه، المقضي له، المقضي عليه.
القاضي هو خليفة الله في الأرض يحكم بين الناس بالحق ولا يتبع الهوى.
إذن، القضاء أمر واجب وأراه خطا أحمر لا يجوز تجاوزه حتى لا تضيع الحقوق ويطغى الظالم خاصة إن كان (مستترا وهميا من خفافيش الظلام)!
وهو أمر كفاية لأن الدولة تقوم به وعليها أن تحمي قضاتها من هذه الحسابات الوهمية التي تشوه صورتهم أمام أهاليهم وموظفيهم وكل قطاعات المجتمع.
القاضي أو المستشار وأي الرتب القضائية رتب ذات مركز خطير وحساس وهم أمام الناس قدوات، والقضاة ثلاثة كما ورد في الحديث الذي أورده الحاكم وابن ماجة والترمذي ومالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة» وهذا الحديث يوضح الضغط الذي يتحمله القاضي، ولهذا هناك أجر عظيم من الله عز وجل لهذا القاضي الذي يقبل بهذه المهنة العظيمة، وهي أيضا تحمله وزرا كبيرا، لمن لم يؤد حقها ولم يقض بالحق الواجب فيها، فمتى عرف الحق فعليه أن يقضي به.
يقول الشاعر:
مولاي يا قاضي القضاة
ومن بالعلم والحلم طاب محتده
وسيدا باب جوده حرم
أمن جميع الأنام تقصده
قصدته راجيا على ثقة
نجاح قصد إليه مسنده
فهو بشرع النبي يفصل
ما راح ألد الخصوم يجحده
من ناظر فيه للبصير عمى
أضله الله كيف ترشده
ما سار في الأفق كوكب وسرى
نسيم روض شدا مغرده
أمر تداول تغريدات أو فيديوات تخص القضاة والمستشارين أمر غير جائز وأنبه الكثير ممن يعيدون إرسال هذه التغريدات أو الفيديوات بأنه أمر لا يجوز حتى لا تدخل نفسك في مشاكل وقضايا المحاكم والتقاضي لأن الأمر واضح، نعم في 7 قضاة أوقفوا عن العمل، من هم؟ ليس هناك تصريح رسمي من جهة العمل التي أوقفتهم.
على الإخوة والأخوات الذين يرسلون هذه الفيديوات التي تبث سمومها من حسابات وهمية التوقف عن إرسالها لأنها تمس سمعة قضاة ومستشارين، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
إن القانون يجرمك كمواطن أو وافد ترسل هذا الفيديو متعمدا فلا تدخل في المحظور وتوقف، لأن الحسابات الوهمية التي تطرح هذه الفيديوات إنما تهدف إلى الإساءة إلى هؤلاء وخلط الأوراق وبعض هؤلاء يبرئ نفسه وحتما سيقاضي كل من أساء له، لأن هذا خوض في ذمم وسمعة أناس، وهذا محرج وجارح وخط أحمر البتة!
٭ ومضة: الدولة بكل أجهزتها التنفيذية قادرة على حماية هؤلاء الكرام الذين تم التشهير بهم، وواجبنا كمواطنين ووافدين أن نمنع أنفسنا من تداول هذه الفيديوات التي تطول سمعة العاملين في القضاء الكويتي الذي يقوم حاليا بمواجهة الفاسدين بما ارتكبوا في حق الكويت من قضايا فساد.
٭ آخر الكلام: من يعتقد أن القاضي إنسان يعمل ويفعل ما يشاء فهو مخطئ، لأن القاضي بحكم المهنة محاصر بكثير من القيود فلا يحضر المجالس ولا يخالط ويحرم عليه التصريح، وكلنا نعرف الكثير من القضاة يكاد شبه منعزل لأنه يعلم أن وظيفته ومهنته لها قدسيتها وحرمتها من الدخول في أي من الشبهات.
٭ زبدة الحچي: إن القاضي أو المستشار له ما له وعليه ما عليه، هو إنسان لكنه محصن فلا يجوز أبدا خدشه حتى لا تهتز صورة العدل وهم يقومون بواجباتهم رغم ما يتعرضون له من اتهامات أو مضايقات. أعرف قاضيا ممن زج باسمه ضمن السبعة كان في إجازة وقطعها وباشر عمله حتى لا يعطي من استهدفوه فرصة القول: (شوفوه قاعد في البيت)!
لهذا نقولها لكل قاض يقوم بواجبه.. أكمل مشوارك وعملك ويا قاضينا أبشر:
قاض ببهجته الأيام مشرقة كالشمس
لكن نور الشمس لم تدم
فالحمد لله دنيانا ببهجته
إشراقها غير مسلوخ عن الظلم
قاض إذا جئته يوما لقيت به
كل الأفاضل من عرب ومن عجم
يخشى الخصوم ارتعادا من مهابته
حتى كأن بهم ضربا من اللمم
فإلى قضاتنا الكرام الذين يتحملون عبء تحقيق العدالة وتطبيق القانون وهم المؤتمنون عليها في الأرض وشعارهم الدائم معهم في الليل والنهار قوله تعالى: (.. وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين) المائدة: 42.
ما كتبته وسطرته اليوم هو قول الحق والواجب تجاه أولئك القضاة الذين يمثلون العدل والنزاهة والشرف والمسؤولية ويتحملون في مهنتهم كل الفتن ما ظهر منها وما بطن.. في أمان الله.