[email protected]
ليس الهدف من هذا المقال التقليل من معاناة أي شعب عبر التاريخ، لكنه لتسليط الضوء على ضرورة توفير العدالة والمساواة للجميع بعيدا عن سطوة التوجيه الإعلامي.
قبل أن تظهر النازية الهتلرية بقرن قدّم الأنجلوساكسون أنفسهم للعالم على أنهم «العرق المتسيد على شعوب العالم»، ونظرت بريطانيا إلى نفسها على أنها الأرقى وأنهم شعب الله المختار خصوصا (الانجليز) منهم وأن انجلترا أرض الله الموعودة، وقد ارتكبوا الجرائم والمذابح في سبيل إثبات نظريتهم نحو الأجناس البشرية ولتحقيق رؤيتهم المهيمنة على العالم وشعوبه.
ونجح الصهاينة في فرض قضية «الهولوكوست» لشرعنة وجود اسرائيل، وتناسوا مجازر ومذابح أريقت فيها دماء اوروبيين، وما يقرب من خمسة عشر مليونا ذبحتهم النازية ايضا ضاعت دماؤهم، اضافة الى قصف اليابان بقنبلتين ذريتين قبل هزيمتها واستسلامها، وايضا عدم ذكر المذابح التي ارتكبها الصهاينة في فلسطين.
لقد نجح الصهاينة في ابتزاز الشعب الألماني طيلة السنوات التي مرت برفع شعار «الهولوكوست» لفضح بيروقراطية الدولة النازية!
ظهر مصطلح «الهولوكوست» في الخمسينيات من القرن العشرين واستخدم بقوة بدعم من اليهود واللوبي الصهيوني إبان الحقبة النازية ما بين 1933-1945 وحل بدل مصطلحات مثل (الكارثة - الإبادة) واستطاع اللوبي الصهيوني تسويقه وكأن المشكلة ألمانية والمأساة يهودية فقط، وسخرت كل من (بريطانيا - فرنسا - روسيا) طاقاتها من اجل دعم هجرات اليهود للاستقرار في فلسطين المحتلة لضمان تحويل ارضها الى (ارض الميعاد) لاسيما صهيونية تيودور هرتزل (1860-1904) ومشروعه لإحياء «حب صهيون»!
لقد نشط الصهاينة في جعل «الهولوكوست» وكأنه جريمة ألمانية ارتكبها الألمان ضد اليهود وحدهم مع توسيع نطاق المسؤولية وتعميم هذه المذبحة على انها جريمة الجرائم وبحيث تضمن وتشمل كل يهود العالم وقد دفع العالم وشعوبه خاصة الوطن العربي ثمنا باهظا نتيجة ترويج جرائم النظام النازي الذي ازهق ارواح ما لا يقل عن عشرين مليونا، منهم ستة ملايين يهودي والبقية غير يهود!
لقد رأينا عبر متابعة التاريخ والأحداث ان «الهولوكوست» تحول الى صناعة متخصصة لها معاهدها ومؤسساتها ومؤتمراتها الخاصة ويحظى بتغطية كل المحافل والحقول البحثية وتمويل الافلام في هوليوود لتجسيده وإبرازه.
لقد عمدت الصهيونية إلى تعزيز الصورة النمطية في ذاكرة الشعوب بأن الهولوكوست (مظلومية) فتم ربطها بكل المحاضرات الاخلاقية والعظات الدينية التي تستوعبها المناسبات لتغييب الجماهير عن (كارثة احتلال فلسطين) وما تم من مجازر في دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وغيرها الكثير.
كما أطلقت الصهيونية مقولة «معاداة السامية» وظاهرة معاداة اليهود ونجحوا الى حد يتجاوز القوميات والأقطار.
ومضة: إن ما تراه اليوم ايها العربي المسلم من بروز للصهاينة بين امم وشعوب العالم انما يعود الى امتلاكهم (لوبيات) من المال والإعلام يحول كل شيء لصالحهم وقضاياهم.
لم يلتفت بعد الغرب وأميركا لقضية (الولاء المزودج) لليهود - الصهاينة في كل البلدان الاوروبية والولايات المتحدة، وكبرت هذه اللوبيات وصارت اليوم عوامل ضغط على الناخب توجه الرأي العام والجماهير لخدمة الصهيونية العالمية.
آخر الكلام: وظف الصهاينة مذابح اليهود لصالح (شبح العرق اليهودي) وربط مصالحهم بمخاوف الماضي وحشد دعم الدول والشعوب نحو (مظلوميتهم) في هذه المذابح وجعْلها اداة فعالة للممارسة السياسية، فانطلقوا من العزلة الى الانتشار في قضيتهم وهم في التاريخ المثبت المكتوب وراء ظهور الحركات المعادية للعرب والمسلمين بعد تعاظم نفوذهم في اوروبا وفي العالم ونجاحهم في ترويج مسمى الهولوكوست بين الأيقنة والأنسنة.
زبدة الحچي: يرينا الاعلام جانبا واحدا يريد منا مشاهدته وقبوله وهو مظلومية «الهولوكوست» وتناسي بقية المشاهد في حرق بقية الشعوب، فلننظر لما حدث في فيتنام والبوسنة والهرسك وكوسوفا والشيشان ومورو ولبنان وسورية وليبيا ناهيك عما حل بالشعب الفلسطيني.
أهم درس أرى ان تناقشه النخب العربية الآن ونحن نعيش (الهولوكوست العربي) ما الواجب علينا من اجل مستقبلنا ومستقبل الاجيال خاصة ونحن نمارس التخوين وجلد الذات واستغلال الماضي بطريقة ربما تحول المستقبل الى مجهول؟
انه موال جديد بل «خازوق» اصاب الأمة العربية وله تداعياته المروعة!
عشنا أزمنة الشجب والاستنكار والفريقين وردود الافعال، واليوم ما أحوجنا إلى لغة موحدة لا مفرقة، جيلنا تعب، فماذا سيكون رد فعل المطبّعين ومن يعارضهم؟ ومن سيقول له التاريخ «انت صح»؟
.. في أمان الله.