[email protected]
لم تمر نتائج الثانوية العامة بشقيها الأدبي والعلمي بكارثية ومأساوية في تاريخ الكويت مثلما حدث في الزمن الكوروني.. «الكل ناجح»! (اللهم إلا قلة قليلة جدا لم يوفقوا لأسباب مختلفة).
عقب ظهور النتائج والتي لم يرسب فيها أحد (تقريبا) أرجعتني ذاكرتي التربوية والتعليمية الى موقف نبيل وشجاع أُسطره اليوم ليعلم قومي أن قيادات وزارة التربية سابقا رجالا ونساء كانوا نماذج نستطيع أن نقدمها في كل وقت شاهدة على العصر الذي عشناه.
في عام 1991 عقب التحرير دارت في مجتمعنا الكويتي حوارات ونقاشات حادة بين قيادات تربوية تعليمية حرة لها من الضمائر الحية ما نستشهد به الآن في سنة 1442هـ الموافق 2020م بعد أن رفضوا ما يسمى (عام الدمج) وبعضهم قدم (استقالته) مهرا لموقفه الوطني لجعل التعليم بعيدا عن «التسييس» ولحبه لرسالته وحفاظا على أمانة الطلبة والطالبات من المصالح الآنية وخلط الأوراق والدخول في التجارب غير محسوبة النتائج، وكلنا كجيل مخضرم نتذكر استقالة الأستاذة سعاد الرفاعي التي لم يغرها المنصب الوزاري والكرسي، بل قدمت موقفا وطنيا نزيها وحاسما يقوده «ضمير حي» من أجل أبناء الشعب الكويتي لا من أجل الكرسي الذي شرفته!
أذكر هذا الموقف النبيل لإحدى فارسات وزارة التربية والتي لم يسمع رأيها على الأقل قبل قبول استقالتها ورحلت من دون أن تشارك في «قضية» تتطلب أن يقول الإنسان الحر رأيه بكل جرأة وشجاعة، وقد فعلتها سعاد ابنة الكويت البارة!
اليوم نستذكر صاحب مقولة (الهرم المقلوب) د.أحمد الربعي - رحمه الله - ومن قبله الشيخ عبدالله الجابر - أبوالتعليم - الذي دعم التعليم والأستاذ فيصل الصالح والأستاذ خالد المسعود - رحمه الله - صاحب العلاوات والأستاذ عبدالملك الصالح ثم الأستاذ جاسم المرزوق ثم الدكتور يعقوب يوسف الغنيم، والذي أراه أذكى وزراء التربية، وفي عهده تقدمت المدارس لأنه كان وكيلا للوزارة «ثابتا»، والدكتور حسن الإبراهيم وأنور النوري والدكتور عبدالله الغنيم، والذي أراه لم ينل فرصة كافية نظرا لوقوع الاحتلال العراقي الصدامي ثم فترة ما بعد التحرير د.سليمان البدر ود.أحمد الربعي ود.مساعد الهارون، ونستذكر الوزير أحمد المليفي الذي قدم استقالته إثر وفاة عاملين في انهيار ترابي بمشروع جامعة الشدادية في منتصف مايو ٢٠١٤، كما نستذكر الأستاذة نورية الصبيح صاحبة (فكرة النظام الثانوي الموحد) ود.بدر العيسى، وهكذا عايشنا جيلا من القيادات التربوية التي أحدثت فارقا في التعليم . هذه المرحلة كان يفترض أن تسند للدكتور رشيد الحمد، فهو وزير توافقي استقرت في عهده «التربية» حكمة واقتدارا.
٭ ومضة: على وزارة التربية أن تستعد للسقوط السحيق الذي سيعقب هذه الخطوة غير المدروسة في نتائج الثانوية العامة، وهذا محور استجواب جديد لمعالي الوزير! (والذي وللحقيقة لا يتحمل وحده هذا السقوط).
إنني أناشد جمعية المعلمين والمهتمين بالتعليم إظهار الرفض الشعبي لمبادرة وزارة التربية بوزيرها وإعلان وقفة مستحقة ضد هذه النتائج المروعة التي حتما سيكون لها تأثيرها على المخرجات القادمة، فالصمت هنا لا يجوز ولابد من إظهار (الرفض) لهذا الفساد التربوي (لم يرسب أحد) وهذه العبارة أسقطت التعليم في الكويت، فهل يعقل في سنة الكورونا أن نسبة النجاح أكثر من 98% من الطلبة والطالبات؟!
مسؤولية من هذا العبث التربوي التعليمي؟
إنه أكبر إخفاق لوزارة التربية الآن هذه النتائج السريعة المريعة الكارثية.. أيعقل أنه لم يرسب أحد؟
والله.. إن صمت الإعلام ورجال التربية ليثبت أننا نعيش «أسوأ» زمان، إنه العبث والفساد.. أيعقل هذا ولا صوت اعتراض واحد؟!
ظهرت النتائج وفرح من فرح لكن الأسوأ لم يأت بعد.. انتظروا السنوات القادمة لتروا المخرجات!
٭ آخر الكلام: كلنا نعلم أن الوزير رجل سياسي أكثر منه متخصصا أو فنيا في وزارته، لكن بشرط أن يكون مجلس وزارته (مجلس الوكلاء) على مستوى، وهو المجلس المخول والذي يدير وينفذ الخطة! أيضا الوكيل له دور في تحمل أعباء هذه المرحلة!
السؤال: هل يوجد مجلس؟
وهل توجد خطة؟
قالوا سابقا: خيار الدمج انتهى، ولم يكن اختيارا عشوائيا أو وراءه مكسب سياسي ومع هذا لم تشكل لجنة لدراسة الآثار التي ظهرت بعد التطبيق على الأجيال الكويتية، وهكذا هو التعليم في الكويت دون دراسات وأبحاث تقويمية تقييمية! سمعتوا بـ «حارة كل من ايدو إلو»؟!
٭ زبدة الحچي: أرجو متابعة هذه الدفعات التي نجحت في الثانوية العامة وستجدون كما هائلا من التسرب لأنهم نجحوا (قوترة) باللهجة الكويتية (أي كلام)، وهذا النجاح أن الكويت ستدفع ثمن ذلك باهظا، فكثير من الجامعات سترفض هذه النسب العشوائية!
بالأمس لي صديق ابنه في التعليم العام وجد أن رقمه الموحد غير الرقم الأصلي وآخر الدرجات في الشهادة غير ولو أعيد التحقيق لوجدنا أنفسنا أمام كارثة حقيقية!
اليوم يراجعون إدارة التعليم الخاص، ترى كم من هذه الأخطاء موجودة الآن؟
الله يذكرك بالخير أستاذنا يعقوب يوسف الغنيم الذي أدخل النتائج في كونترول الأدبي وآخر لـ«العلمي»، وكان بنفسه يداوم عصرا ومساء داخل هذه (الكونترولات) وقد عملت في إحدى السنوات داخل هذه الكونترولات في مدرسة صقر الشبيب الابتدائية ورأيت كيف تمر النتائج بعد الفرز والمتابعة والتصحيح، لهذا تكون النتائج بلا أخطاء، وكان الكونترول يرأسه الأستاذ محمد الشيخ - رحمه الله - وكان الأستاذ عبدالرحمن الخضري وكيل الوزارة ود.يعقوب الشراح - رحمه الله - وآخرون يصعب ذكرهم كانوا يداومون حتى ظهور النتائج، وكان أستاذنا وناظرنا محمد عبدالرحمن الفارس في الكونترول صباحا ومساء يهيئ الأجواء إداريا لإنجاح هذا (المطبخ المركزي لنتائج الثانوية العامة بشقيها الأدبي والعلمي).. زمن جميل لأُناس أجمل!
٭ رسالتي للأخ مطيع العجمي وإخواني مجلس إدارة جمعية المعلمين.. اطلبوا مقابلة سمو نائب الأمير وولي العهد الأمين هذا الأب الحادب على دينه، وكاشفوا سموه بالوضع الكارثي الذي تمر به «التربية والتعليم» وأنتم (المؤتمنون) على التربية نقابيا ويجب أن يسمع رأيكم فأنتم تمثلون قطاعا كبيرا من المعلمين والمربين الذين يتابعون ما يجري ويخافون على الأجيال الكويتية من هذا الضياع التربوي والتخبط الذي تعيشه الوزارة في العصر الكوروني الذي أصبح فيه التعلم عن بُعد حقيقة، لكن تردد الوزير طوال سبعة أشهر جعلنا في المؤخرة، شوفوا دولة قطر!
أتمنى أن يفتح وزير التربية د.سعود الحربي نوافذه الآن على كل النتائج السلبية «نتيجة لم يسقط أحد»!
تبقى الحقيقة أهمس بها لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد.. كل شيء قابل للتجريب إلا «التربية والتعليم».. في أمان الله..