[email protected]
تسمرت وغيري من ملايين العرب خلف شاشات التلفاز لدى رؤية الرئيس اللبناني ميشال عون خلال مؤتمره الصحافي الذي عقد أمس الأول عندما سألته صحافية: لوين رايحين؟ (تقصد في حال حدث عدم توافق على تشكيل الحكومة المتعثرة) فأجاب بعبارة صادمة ومفاجئة: «طبعا على جهنم»! بمعنى أصح وأدق ان وضع لبنان (العزيز على قلوبنا جميعا) سيزداد سوءا!
سنة كورونا 1441 - 1442هـ الموافق 2020م سنة عجيبة على كل بلدان العالم حيث وقعت أحداث وكوارث، غير أنني أرى لبنان الحبيب وشعبه العزيز علينا سيظل يعاني في قادمات الأيام!
ونحن صغار على مقاعد الدراسة تعلمنا من أساتذتنا وأيضا آبائنا المقولة المأثورة: لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك!
وأقول هذه المقدمة وأكتبها وأنا بالفعل حزين على لبنان ولعلي هنا أمثل واحدا من ملايين الناس الذين يحبون لبنان ويرفضون هذه المقولة النارية التي أتحفنا بها الرئيس وأعتبرها (زلة لسان) مو أكثر، لأننا يا سيادة وفخامة الرئيس تعلمنا منذ نعومة أظفارنا: (احفظ لسانك إلا من أربعة: حق توضحه، وباطل تدحضه ونعمة تشكرها، وحكمة تظهرها)!
أليس امرؤ القيس القائل:
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه
فليس على شيء سواه بخزّان
طبعا وأنا أتابع (الميديا) تصدر هاشتاغ «رايحين عجهنم» قائمة الوسوم الأكثر تداولا على تويتر في لبنان يوم الاثنين الماضي، فما ان انتهى فخامة الرئيس ميشيل عون من مؤتمره ومقولته حتى تناوله النشطاء بعبارات غاضبة مستنكرة وقاسية!
الله يعين أهلنا من الشعب اللبناني على ما آلت إليه الأوضاع في (لبنان الحبيب) فمنذ أكتوبر المنصرم وهم في حالة حراك شعبي يرفع مطالب عادلة اقتصادية وسياسية، ويطالب برحيل الطبقة السياسية الحاكمة التي يتهمها الشعب اللبناني الحر بالفساد وانعدام الكفاءة!
كلنا يذكر في أغسطس الماضي تكليف الرئيس عون «مصطفى أديب» بتشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف «حسان دياب» التي «استقالت» يوم 10 أغسطس بعد 6 أيام من الانفجار الكارثي الذي حدث في مرفأ العاصمة بيروت وذكرنا بهيروشيما اليابان.. ومن يومها لم «تتحلحل العُقد»!
إن على «النخب الحاكمة» في لبنان أن تستجيب لمطالب الشعب اللبناني الذي عانى الأمرين من تدهور أوضاعه وتصلب الطبقة السياسية ولا يبدو في الأفق أي حل قريب!
إن الناظر الى لبنان بعين الحكمة يستشعر مدى (الوضع الجهنمي) الذي يعيشه المواطن، وما شاهدته من التعليقات الغاضبة في الميديا اللبنانية إلا قطرة من بحر غضب اللبنانيين الذين يعيشون الآن عصرا «كورونيا» وأزمة غير مسبوقة ماليا وسياسيا واقتصاديا وصحيا وأخلاقيا!
إن أي تأخير في استقالة هؤلاء الديناصورات سيدفع لبنان والناس نحو المزيد من الفقر والعجز والتطرف بكل أشكاله والمطلوب أن يضحي الجميع من أجل إنقاذ لبنان ومنع زواله، فما عادت (لعبة المحاصصة مقبولة)!
٭ ومضة: لا نريد أن نسمع تكرار هذه العبارة (رايحين عجهنم)!
إن لبنان يستحق من اللبنانيين اليوم «انقاذه» لا أن يذهب إلى جهنم ولبنان يفترض أن يكون فوق كل «التحالفات المصلحية» التي أوصلته بالفعل الى الهاوية!
لقد تابعت كل صحف لبنان من (النهار والجمهورية ونداء الوطن والأخبار واللواء والشرق).. واضح أنها تحمّل القيادات اللبنانية (منكوبية لبنان) والانسداد القائم!
٭ آخر الكلام: الكويتيون المخضرمون أمثالي مغرمون بلبنان الحبيب، ولنا معهم صلة نسب فكثير من مواطنينا أمهاتهم من لبنان، وكنا في السبعينيات خيارنا الأول لبنان، كما أن للكويتيين أملاكا وعقارات هناك!
أعود وأقول لم تكن هذه (زلة لسان) أسمعتم عن الشاعر ابن السكيت؟
أقول لكم ماذا قال:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه
وعثرته في الرِّجل تبرا على مهل
ورحم الله شاعر لبنان العظيم جبران خليل جبران القائل:
إن اللسان الذي أخرسته الأوجاع لا يتكلم والشفاه التي ختم عليها اليأس لا تتحرك!
٭ زبدة الحچي: يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا يكن لك الى الناس سفير إلا لسانك!
نعم صدقت أبا تراب، فاللسان مهلكة الإنسان وزلة الرجل ولا زلة اللسان! ليت القيادات اللبنانية الديناصورية تتذكر ما قاله جبران خليل جبران:
لو لم يكن لبنان وطني لاتخذت لبنان وطني
لقد عايشنا طوال عمرنا لبنان فما وجدنا إلا شعبا طيبا كريما يرحب بالزائر ويكرمه، بينما يشعرك لبنان بسواحله وجباله بأنك في «جنة الأرض» بأرزه ومائه وجباله ووديانه!
الله يا لبنان..
أنت أحلى ما على الأرض انسكب
من عناياتٍ وما الله وهب
قبلتك الشمس من عليائها
فلبست الفجر عقدا من الذهب
الى أبناء لبنان في جائحة كورونا.
الى الشعب في حراكه السلمي.. لا تيأسوا!
وإلى الفلاحين في حدائقهم وبساتينهم.. عمروا الأرض!
وإلى الآباء والأمهات الذين تعبوا من أجل استشراف مستقبل أبنائهم.. أدعو الله عز وجل ألا تطول الأزمة.
وإلى البنائين والحائكين وصانعي الأحلام والنواقيس والأجراس.. تفاءلوا!
لبنان ضرورة فتمسكوا بوحدته وكيانه وصونوا استقلاله، أما من سيذهب الى جهنم فبالتأكيد هو الخائن البائع لوطنه!
لبنان راجع ليكون «سويسرا الشرق» فازرعوا خيرا لتحصدوا الجنة.. أما جهنم فإنها «مأوى الشياطين» والفاسقين.. فبئس المأوى وبئس المصير. ولنتذكر دائما أن الكويت ولبنان جسد واحد ومصير واحد عبر الزمان والمواقف!
بحبك يا لبنان.. لكن اتوقع المزيد من هجرة اللبنانيين إلى الخارج
في أمان الله..