[email protected]
هو عاشق للتربية والتعليم فكان رمزاً ملهماً بها!
أرثي اليوم أستاذي ومعلمي وموجهي الذي رحل في سنة الكورونا (1441 - 1442هـ ـ الموافق 2020م) في غفلة انشغالنا بهذه الحياة الفانية.
أرثي اليوم علما أكاديميا ورمزا تربويا من الزمن الجميل، له فضل علينا، علمنا ووجهنا وشارك في أعمالنا وترك ذكريات جميلة رائعة بروعته ودماثة خلقه حتى غدا (صيته وسمعته الطيبة تسبقه)!
في يوم الجمعة 8 من صفر 1442هـ الموافق 25 سبتمبر 2020م ووري جثمانه الطاهر ثرى المقبرة الجعفرية بالصليبخات، وبذلك استرد الله أمانته فيه لنترحم عليه جميعا.
أرثي د.أحمد عبدالحسين عبدالباقي البستان الذي عرفناه وعاشرناه في أروقة جمعية المعلمين، وأتذكر أنني قدت الأسبوعين التربويين الثالث عشر والرابع عشر، وكنت يومها المقرر، وأعجبني جدا بتواضعه ودماثة أخلاقه وحبابته وحسن مداخلاته وإضافاته سواء كان هذا على مستوى جمعية المعلمين أو جامعة الكويت أو وزارة التربية، وقد أعطى الجهات هذه جلّ وقته وثمرة عطائه، وقبل هذا كله بلده الكويت التي ترثيه مواطنا صالحا وأكاديميا أفنى زهرة شبابه في خدمة التربية والتعليم.
يقول عن نفسه للزميل جاسم عباس من الزميلة «القبس»: أنا ابن الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، ولكن كانت له أفكار ونظرات مستقبلية لبناء الأسرة، والدي رحمه الله كان يركز دائما على أن الإنسان عليه أن يواجه تحديات الحياة، وكان يحرص على الدراسة ويتابعنا أولا بأول، وكان حريصا على أن نكون معه دائما في وقت الفراغ في محله لبيع الساعات في الشارع الجديد عام 1948 وأتذكر كان في الشارع 3 محلات فقط لبيع الساعات والمصدرون الوحيدون للمحلات هم:
يوسف شيرين (بهبهاني)، ومحمد رفيع معرفي، وعبدالرضا المطوع، وأتذكر أن الساعات كانت أوريس بـ 30 روبية وجوفيال بـ 20 روبية وأفضلها ساعة وست اند بـ80 روبية.
كان - رحمه الله - معتزا بوالده ووالدته وزوجته وأبنائه الستة الذين يحملون الدكتوراه.
هو من مواليد 1938 درس في المدرسة الجعفرية التي تقع على السيف مقابل قصر الشيخ صباح الناصر الصباح - رحمه الله - والذي كان يقدم الماء البارد لطلاب المدرسة وخصص لهم (حبّاً - زيراً) ليشربوا منه أثناء خروجهم، ويتذكر د.أحمد البستان، رحمه الله، ناظره سيد حسن الموسوي الحريص على أبنائه التلاميذ ونتائجهم وكان يعاقب بالفلقة، ومن المدرسين جاسم العبدالله - دعيج العون - ملا يعقوب - فهد الموسى.
انتقل بعدها استاذنا د.احمد البستان الى مدرسة الصباح ودرَّس فيها 5 سنوات كان ناظرها د.حمد الرجيب، رحمه الله، ووكيلها الأستاذ عبدالحميد البغلي والأستاذ فاضل خلف مدرس اللغة العربية والدين والأستاذ أحمد مهنا مدرس تربية بدنية ولغة عربية ومحمد الجسار مدرس «دين» وعبداللطيف الخميس«اجتماعيات» وراشد إدريس «اجتماعيات» وعبدالرحمن السمرائي والأستاذ أيوب حسين مربي الأجيال، وجميعهم كانوا يقدمون الدروس الخصوصية «مجانا» من دون مقابل!
وعمل المغفور له بإذن الله في عدد من الوظائف، حيث عمل في التدريس لمدة 43 عاما، مدرسا في الابتدائية والمتوسطة، ثم وكيلا بالمرحلة الابتدائية، ثم عمل مدرسا في دار المعلمين والمعلمات، ووكيلا في معهد التربية للمعلمين، ثم مراقب ادارة رياض الأطفال، ومشرفا على الدورات التدريبية في وزارة التربية، ومدير مركز بحوث المناهج، وختم حياته المهنية في عضوية هيئة التدريس في كلية التربية بقسم الإدارة والتخطيط التربوي منذ 1981، وأصبح رئيسا لقسم الادارة والتخطيط التربوي في كلية التربية في جامعة الكويت، ثم حصل على ترقية في العام 1999 لوظيفة أستاذ بقسم الادارة.
وأشرف د.البستان على 46 بحثا علميا خلال ادارته لمركز البحوث من العام 1980 الى 1983.
نعي جامعة الكويت
من جهتها، نعت جامعة الكويت الأستاذ د.أحمد البستان. وجاء في البيان الصادر عنها «ببالغ الحزن والأسى تنعى جامعة الكويت فقيدها د.أحمد عبدالحسين عبدالباقي البستان أستاذ الادارة العامة والتخطيط التربوي بكلية التربية الذي انتقل الى رحمة الله تعالى اليوم 2020/9/24 سائلين المولى عز وجل أن يسكنه فسيح جناته ويتغمده بواسع رحمته، إنا لله وإنا إليه راجعون».
كما رثاه رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت الأستاذ د.إبراهيم الحمود بأصالة عن نفسه ونيابة عن جمعية أعضاء هيئة التدريس بـ«خالص العزاء الى أسرة الدكتور أحمد البستان أحد أعمدة كلية التربية وجامعة الكويت، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان».
أخلاقه
عرفته منذ عام 1982 عندما تسلمت أمانة السر بجمعية المعلمين، وكلفت بالأسبوع الثالث عشر وكان معي في اللجنة الفنية وأتذكر له تواضعه الجمّ وعلمه الغزير وابتسامته، فلم يبخل علي كنقابي جديد لا بالنصيحة ولا بالتوجيه وكان (أبا ومعلما وموجها).
بالفعل هو طيب المعشر وفيّ لوطنه ومهنته ورسالته وأسرته وأصدقائه وكان بالفعل (رجلا وطنيا) مؤثرا في مجتمعه ومتواصلا مع الجميع.
آراؤه
كان دائما يقول لنا: يجب ربط مخرجات التعليم بسوق العمل، وكان كونه متخصصا بالاعلام والعلاقات العامة يذكرنا دائما بأهمية الاعلام ودوره في توعية المجتمع وكان مهتما (بإعداد وتأهيل وتأمين ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم)، وكان يركز في محاضراته على ضرورة مراعاة الفروق الفردية، وفي الأسبوع التربوي الثالث عشر وعنوانه: المعلم في الوطن العربي، قال لي يجب أن تركز على (الرضا الوظيفي) وكان مهتما بكادر المعلمين الذي حققته جمعية المعلمين، وكان يرى أن المدارس قادرة على إعداد الأطفال للحياة ومواجهة تحديات الحياة، لكن بشرط إعادة النظرة إلى الأساليب المتبعة في التنشئة الاجتماعية.
الدكتور أحمد البستان إن تحدث يبهرك بعلمه وتنقله الوظيفي وأيضا شهادته (الأصلية غير المزورة)! التي حصل عليها من الولايات المتحدة الأميركية.
من آرائه النيرة التي كان يقولها عن التعليم «التجريب في التعليم وبمستقبل الوطن وأبنائه كارثة بكل المقاييس».
٭ ومضة: رحم الله أستاذنا فقيد الكويت والتربية على وجه الخصوص د.أحمد البستان والذي كان على الدوام يطالب برفع الوعي السياسي لدى الطلبة، ويؤمن بأن الطلبة مخرجات الأساتذة، ولهذا لم يبخل على أحد في عمله، وكان يلبي كل الدعوات الرسمية والشعبية والمجتمعية والتربوية ويدلي بدلوه رافعا دائما من قيمة القيم في المجتمع.
٭ آخر الكلام: كان، رحمه الله، نصيرا للمرأة في حياته، وكان يقولها دون تردد: وصول المرأة الى البرلمان مرهون بتكاتف النساء والتخلي عن العمل الفردي، وتنبأ في حياته لوصول المرأة الى قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة، وسبق عصره لأنه كان مقتنعا بكفاءتها في التمثيل السياسي.
٭ زبدة الحچي: كان د.أحمد البستان، أبا حنونا يذكر أسرته ويفخر بهم فردا فردا، وعزائي اليوم في هذا المصاب الجلل لأبنائي: المديرَين الناجحَين طارق وخالد وإلى د.سعاد ود.سوزان ود.سناء ود.لميس بخالص المواساة والعزاء في أستاذنا القدير أحمد البستان «أبوطارق» الذي له فضل علينا لجيل مخضرم عاشره منذ الثمانينيات وحتى رحيله.
ورحل عاشق التربية والتعليم ابن الكويت البار د.أحمد عبدالحسين عبدالباقي البستان.. ولا نملك في هذه اللحظات الحزينة إلا أن ندعو المولى عز وجل أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن ينزله الفردوس الأعلى من الجنة.. منا الدعاء ومنكم إعادة الدعاء لهذا الرمز الوطني التربوي الشامخ، والمرجو من وزارة التربية أن تطلق اسمه على إحدى مدارسها أو مراكزها البحثية التخصصية في التربية والتعليم.. يستاهل .. أفنى عمره من أجل أجيال الكويت.. وتسقط دمعة!
٭ عزاء: أعزي أخي الأستاذ أسعد عبدالله واخوانه الكرام بوفاة عمتنا والدتهم، والجدير بالذكر أن الزميل أسعد عبدالله - هو دائما من يكتب عزاء المعلمين وذويهم، فله منا التعازي القلبية في مصابه الأليم، ونقول له: أبا عبدالله.. عظم الله أجرك في الوالدة وجبر الله عزاك ومثواها الجنة.
في أمان الله..