[email protected]
..ورحل الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق تاركا متابعيه ومعارضيه الى رحمة الله عز وجل بما له وما عليه!
ضجت الميديا والتواصل الاجتماعي بخبر وفاة الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق بعد صلاة فجر أمس، وعدت بذاكرتي الى فترة السبعينيات يوم كان الشيخ عبدالله السبت ـ بومعاوية ـ رحمه الله يعطينا دروسه في مسجد القملاس، ثم ظهر شيخنا عبدالرحمن عبدالخالق ـ بو عبدالله ـ ليأخذنا الى دروسه في قاعات جمعية احياء التراث او المخيمات الربيعية والمحاضرات في جمعيات النفع العام واللجان الخيرية والزكوية والدعوية، ليظهر نجمه جامعا بين الدين والعلم!
رحل الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق الذي ولد في 5 نوفمبر 1939 وتوفي في 29 سبتمبر 2020 وليدفن في مقبرة الصليبخات، إثر نوبة قلبية في مستشفى الصباح.
اتصلت بالابن الشيخ ناصر شمس الدين احد تلامذته معزيا ومستوضحا عن وصيته وهو يعيش آخر ايامه الاخيرة، فقال لي: أعزي الامة الاسلامية والكويت واهله وتلامذته وطلابه ومحبيه، وهو ينطبق عليه القول: صاحب علم كثير وخير وفير، ومن عاشره يعي ويعرف اخلاقه وسلوكه وسمعته وسمته، فهو عالم فيه دين وصاحب خلق قويم، واذا انتقد ينتقد الأفكار والكلام بعيدا عن الشخصانية والطعن بالنوايا.. وفي آخر أيامه كان يحمل هموم الأمة الإسلامية جمعاء!
برأيي المتواضع انا عاشرت الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق منذ قدومه الى الكويت في آخر الستينيات، يقال قدم عام 1965 واستقبله الشعب الكويتي هو والشيخ عمر الأشقر بحفاوة بالغة، لأنهم كانوا بحاجة الى التجديد في الدعوة، وهو القادم من المملكة العربية السعودية والحاصل على الشهادة العالمية من كلية الشريعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد عمل في مدارس التربية حتى تفرغ في مجال البحث العلمي بجمعية إحياء التراث الإسلامي، وله كتب كثيرة ومؤلفات أغنت المكتبة الإسلامية بالفكر السلفي القائم على الكتاب والسُنة.
وقد فرحنا بحصوله على الجنسية الكويتية في عام 2011 هو والشيخ عبدالله السبت، رحمه الله وطيب ثراه ومثواه.
من الصعب أن أرصد في هذه المساحة ارث الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، وله اكثر من 60 كتابا تعرض فكر السلفية عقيدة ومنهجا، كان من المحاربين للبدع والخرافات، وكان له دوره الفاعل في إبعاد كثير من الشباب عن التطرف والإرهاب.
٭ ومضة: أرثي اليوم احد مشايخنا الكرام فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق الذي كنا نلاحق دروسه ومواعظه في مساجد الكويت، وصلينا معه التراويح والقيام في مساجد كثيرة، والجُمع في الجابرية، وزرناه في حملات الحج الكويتية، ولا اخفي وكثير معي من الشعب الكويتي حبنا لصلاته والاستماع لخواطره وأحاديثه، خاصة عند اعتكافه في مسجد المشاري بمنطقة اليرموك وفي مسجد الكليب بمنطقة قرطبة.
نحن جيل مخضرم تربينا في محضن الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، وتأثرنا حتما بدروس التوحيد والعقيدة والتفسير وأصول الفقه والسيرة، نحمد الله زرناه في مرضه وكان دائما الثناء لله عز وجل ومتذكرا وداعيا لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد على مكرمته بمنحه الجنسية.
٭ آخر الكلام: لن ننسى دوره البطولي أثناء الاحتلال العراقي الصدامي الغاشم، فلقد نشط في كشف مخططات حزب البعث ودافع عن الكويت وصبر أهل الكويت على مصابهم وبشر بتحرير الكويت واندحار المعتدي الآثم.
ولا عجب ان يتصدر هاشتاق عبدالرحمن عبدالخالق منصة تويتر بمئات الدعوات والرحمات له.
٭ زبدة الحچي: مسيرة الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق طيبة استطاع فيها كسب قلوب الشعب الكويتي بكل شرائحه وكسب القبول، وأتذكر وأنا أزوره بإحدى المرات في مستشفى الفروانية كثرة أعداد الزوار له، رحمه الله، ولم يكن يمنع أحدا من زيارته.
كان الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق يتذكر بفضل كبير ودعاء مستمر تفضل صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد بإرساله للخارج للعلاج، ويذكر الشيخ احمد الفهد ـ الغائب الحاضر ـ ويخصه بالدعاء لوقفته مع شيخنا الجليل ويذكر الشيخ خالد السلطان وآخرين كثر أصحاب أياد بيضاء مع الشيخ القدير.
الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق أطلقت عليه كثير من الألقاب، منها مؤسس السلفية المعاصرة وغيرها من الألقاب التي لم تزد تاريخه المليء بالأثر الطيب في داخل الكويت وخارجها، لقد قدم الشيخ الى الكويت وعمره 27 عاما وظل طوال بقية عمره في العمل والتعليم والدعوة والخطابة والإفتاء وصلاة التراويح والقيام.
وفي مرحلة ما بعد التحرير، احتاج الى منبر إعلامي يدافع فيه عن نفسه، وفتحت له «الأنباء» المجال، وقد رد على مخالفيه بكل أدب واحترام ما اكسبه الكثير ممن تابعوه.
لقد تخرجت أجيال على يديه استفادت من علمه ونصحه وإرشاده.
ان السلفية مدينة له وبنشاطه خاصة في الكويت والخليج العربي لدوره في الجانب الريادي والتنظيمي والتطبيقي، وقد واجه فكر التكفيريين وغيرهم من خلال مؤلفاته التي تزيد على 60 كتابا ومئات الأشرطة.
لقد كان لي نعم الشيخ ورجل الدين والعلم والأخلاق، ولم يذكر أمامي في يوم مذمة او ذكرا بمخالفيه سوى «الابتسامة» التي سنفقدها، فلقد كان لنا أبا ومعلما وموجها وناصحا، ومع فكرة «مشروع باسم الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق» ـ مجمع تعليمي وبئر ارتوازية بإشراف جمعية عبدالله النوري، أمثال الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق يستحقون التكريم والتقدير.
اللهم وسع مدخله واكرم نزله واجعل قبره روضة من رياض الجنة ومنزلته الفردوس الأعلى، منا الدعاء ومنك الإجابة يا الله.
عظم الله اجر أسرته وأهل بيته وأبنائه وذويه ومحبيه وطلاب علمه، وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون.. وتسقط دمعة.
٭ تعزية: اعزي عائلة عبدالرحمن عيسى احمد سليم السليم بوفاة الاخ والصديق رحمه الله، وقد سافرت معه في ايام الشباب الى العمرة، فكان خير الرفيق والصديق والحبيب بعلو همته في العبادة والطاعة، وهو فقيد يفتقد، وندعو الله عز وجل ان يجعل قبره روضة من رياض الجنة ومنزلته الفردوس الأعلى، وان يلهم أهله وذويه وأحبابه ومحبيه الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).. وعظم الله أجركم... في أمان الله.