يبدو أن وزارة الخارجية الفرنسية تخلت عن اللغة الديبلوماسية واستبدلتها بلغة استعمارية، لغة توقفت فرنسا عن استخدامها منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن قامت واستبدلت لغتها المعتدلة بلغة استعلائية، لغة تبدو معها فرنسا كقوة عظمى وحيدة وهي ليست كذلك.
***
بيان وزارة الخارجية الفرنسية الأخير الموجه لدول الشرق الأوسط والذي «يحث» تلك الدول على التوقف عن مقاطعة البضائع الفرنسية التي اتخذتها دول عربية كرد على فعل الرئيس ماكرون بإعادة نشر الصور المسيئة لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، بل تتهم الخارجية لفرنسية بأن دعوات المقاطعة تلك مدفوعة من «أقلية متعصبة»، بيان خلا من أدنى درجات الحصافة الديبلوماسية.
وتحدثت به الخارجية الفرنسية لنا وكأننا دول تابعة لها، ويبدو أن من أمر بالبيان وصاغه نسي أن فرنسا فقدت «قوتها الاستعمارية» تماما بعد سقوطها في يد الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية.
***
يبدو أن الإدارة الفرنسية، ولسبب غير مفهوم، تتصور ذات الوهم، أن فرنسا هي فرنسا القرن التاسع عشر عندما كانت تحكم الساحل الشمالي لأفريقيا لا بل كانت تحكم 8%من مساحة الكرة الأرضية، شيء ما أصاب الإدارة الفرنسية جعلها تعتقد أنها ذات الامبراطورية التي كانت تحكم ثمن العالم، فخطاب الخارجية الفرنسية خطاب استعلائي غير لائق لا منطقيا ولا عقليا ولا سياسيا ولا ديبلوماسيا ولا حتى «حلمنتيشيا»، وفق الحجم السياسي الحالي لفرنسا.
***
خطاب الخارجية الفرنسية كأنه يقول: «سنشتم نبيكم وستأكلون مما ننتج»..
أولا المعترضون على فعل الرئيس الفرنسي ليسوا «أقلية متعصبة»، بل أغلبية مطلقة معتدلة تعرّض رسولها الكريم لإهانة متعمدة من قبل رئيسكم، لذا كانت هذه أدنى حدود ردود أفعالهم، بل هي ردة الفعل الوحيدة التي بأيدينا.
في الحالة الطبيعية لم نكن لنقبل طلب الخارجية الفرنسية بالتوقف عن مقاطعة منتجاتهم، فكيف وهم يعلنونها حربا على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
***
الإدارة الفرنسية الحاكمة يبدو أنها تعيش في عالم آخر، هل نسوا أو تناسوا أن اللبنانيين ضربوا أوامر ماكرون بـ «الحيط» عندما جاء إلى لبنان قبل شهرين معتقدا انه المخلّص المنقذ للبنان، بل اعتقد لوهلة أنه يحكم لبنان، قبل أن يعيده اللبنانيون إلى حجمه الطبيعي.
***
مسيو ماكرون نحن نعيش في العام 2020 ولسنا في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر حتى تأتي خارجيتك وتخاطبنا بهذه اللهجة الاستعلائية وتأمرنا أو تحثنا على عدم مقاطعة منتجات بلدكم، المقاطعة بالمناسبة خيار احتجاجي سلمي للتعبير عن رفضنا لما قمت به شخصيا.
***
توضيح الواضح: لا يليق أبدا بالرئاسة الفرنسية أن تتقمص شخصية الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط.
***
توضيح الأوضح: الإدارة الفرنسية الحاكمة ليست الشعب الفرنسي.
[email protected]