أكاديميون وإعلاميون وسياسيون يتناقلون قصة حارس المرمى الروماني دانيل باديسلاف الذي يبلغ وزنه 130 كيلوغراما وفيما يتناقلون أنه يلعب لصالح نادي دينامو سيختيفيتا الروماني وينقلون في تغريدتهم المكررة انه تسبب بطرد 4 مدربين لناديه وخامس توفي بنوبة قلبية كما تسبب في هبوط ناديه إلى القسم الرابع من الدوري الروماني وأن أحدا ما لا يستطيع طرده بسبب أن امه من ملاك النادي.
***
بهذه المعطيات يتناول أكاديميون بل وصحافيون رياضيون قصة حارس المرمى «السمين» باديسلاف وتنتشر قصته على تويتر بأكثر من 200 تغريدة تم التغريد بها كحقيقة مسلّمة، والحقيقة أن باديسلاف بريء من كل ما ورد في تلك القصة سوى اسمه ووزنه، فهو لا يلعب لصالح نادي كيوغاريا الروماني وليس دينامو سيختيفيا، وأمه ليست من ملاك النادي، بل إن النادي أصلا ومنذ أن انضم إليه الحارس السمين وهو في القسم أو الدرجة الرابعة، وذلك وفق ما نقلته صحيفة ميترو الانجليزية في تقرير لها عن باتسيلاف نشر في السابع من أكتوبر 2012، وها أنا هنا أضع المصدر الذي يوضح حقيقة المسكين الذي ظلمه أكاديميون وسياسيون بل ورياضيون عرب.
فالقصة تمت «فبركتها» باللغة العربية وانتشرت انتشار النار في الهشيم، ولا أصل لأغلب ما ورد فيها، سوى أن مغردا عربيا كذب ثم أضافها إلى المحتوى العربي المليء أصلا بالإشاعات والأكاذيب ومن ثم تناولها مغردون منهم إعلاميون رياضيون كسالى وبدأوا بنشرها كحقيقة.
***
لم يستغرقني البحث لأعرف أن القصة مفبركة سوى ربع ساعة لأصل إلى التقرير الذي نشرته عنه صحيفة ميترو الانجليزية، وكان سبب بحثتي أن أكاديميا كويتيا أرسلها لي عبر الواتساب واستغربتها وأردت أن أعرف اصل القصة من مصادرها، وعندما بحثت عن حقيقة الخبر وجدت أنه كذبة فأرسلت التصحيح إلى الدكتور الأكاديمي الفاضل (اللي يدرس عيالنا) فأرسل لي: «لا يهم الوسيلة حتى ولو كانت كذبة المهم أن الرسالة وصلت».
***
الله يخلف، إذا أنت دكتور ومتخصص وتستخدم كذبة لإيصال رسالة وتصر على إرسالها لآخرين حتى بعد علمك أنها كذبة فقط لأنها توصل رسالة سياسية ما لخصوم فريقك السياسي الذي تنتمي إليه، وهذه مشكلتنا السياسية في البلد أن الجميع يبحث عن المصلحة الخاصة وليس عن الحقيقة، فعندما تكشف لهم أن نائبهم فاسد أو القيادي في تيارهم متهم بالفساد تجدهم يثورون عليك، ويمطرون صاحبهم بكلمة «محشوم» رغم أنه فاسد مرتشي وبالأدلة، ثم يهاجمونك ويهاجمون كل من يهاجم فاسدهم.
***
بل هناك موضة جديدة هي انه كلما ظهر فساد أحدهم سواء في ذمته المالية أو في مواقفه السياسية قالوا: «إنما هو ضحية الدولة العميقة» وان الدولة العميقة تروح هذا عنه، ويزيدون بأن قوى الفساد تحاربه وتريد أن تلصق به تهم الفساد، لا والله إن صاحبكم فاسد بالمطلق، ومرشحكم فاسد فاسد فاسد، والدولة العميقة مالها شغل بالموضوع.
***
الكذب منتشر في تويتر ووسائل التواصل الأخرى ولكن للأسف أن ينتشر -عربيا- على يد نخب إعلامية وثقافية وأكاديمية لا يكلفون انفسهم عناء البحث عن حقيقة ما يغردون به من قصص.
***
٭ توضيح الواضح: ناقل الكفر ليس بكافر، ولكن ناقل الكذب.. كاذب.
[email protected]