ربما ولأنه لا كرامة لنبي في وطنه، وربما لأنني زاملته بكل الحب والاحترام سنوات طويلة، لا أرى الإبداع الذي بين أنامله كما يفترض أن أراه أنا أو غيري في رجل تمكن بمثابرته واحترافيته من أن يصبح سيّد التحقيق الصحافي، وها هو في كتابه يصبح سيد التوثيق الصحافي.
***
عن الزميل مستشار الإدارة العامة يوسف عبدالرحمن أتحدث، أول صحافي نقل الحدث من قلبه إلى قلب صحافة الكويت، وأذكره عندما كنا صغارا «ما أبي أكبره» نتابع تحقيقاته في أفغانستان بشغف كما يتابع جيل اليوم المسلسلات التركية ومساس صراع العروش وغيرها، كان ما يقدمه مبهرا، موثقا بالصور والمصادر بأسمائها، وكنا نراه نحن المولعين بالصحافة والكتابة مثلا نريد أن نصبح مثله عندما نخوض غمار بلاط صاحبة الجلالة.
***
بالأمس خلال زيارتي له في مكتبه أهداني كتابه «مسلمو بورما.. الروهينغيا.. مذبحة العصر» عدت به معي إلى المستشفى قرأت أجزاء منه قراءة المطلع السريع، واستوقفتني أكثر من محطة، أهمها أنه قدم كتابا توثيقيا يرقى إلى حجم الكارثة التي يتناولها، وما يلي ذلك من أهمية هو قدرته ككاتب على التنقل بين طرح المعلومة وشرح الحدث وتشخيص الحالة التي يتناولها دون أن يخل بمبدأ الكتابة المتزنة.
***
بين أحرفه ليوسف عبدالرحمن في كتابه هذا نفس إنساني ولم تغلب عليه عاطفته أو تعاطفه مع ضحايا مجازر الروهينغيا، بل كان عقلانيا اتبع الأسلوب الكتابي الاحترافي في النقل كما لو كان شخصا محايدا.
ارتدى في بعض المواقع رداء العاطفة في التناول ولكنها مرات قليلة تشفع له القيمة الكبيرة التي قدمها في كتابه لتكون توثيقا معتمدا لمجازر مسلمي الروهينغيا.
***
الأستاذ يوسف عبدالرحمن علمنا في الثمانينيات التعلق بالصحافة، وها هو بعد هذه السنوات الطويلة يثبت أن الصحافة تجري في دمه، وانه وان كان سيد التحقيق الصحافي وعميد المحققين الصحافيين الكويتيين فإنه يعود اليوم ليثبت انه متمكن من فن التوثيق بشكل قدم معه كتابا يمكن اعتباره مرجعا معتمدا لأحداث مذابح الروهينغيا.
***
نفخر بأن كاتب هذا الكتاب كويتي، ونفخر بأن معظم مواده نشرت هنا في «الأنباء» على مدار سنوات، ولكن الفخر هو ان هذا الإنتاج كويتي خالص قدمه رجل بقامة واحترافية الأستاذ يوسف عبدالرحمن.
***
توضيح الواضح: مازالت الصحافة بخير.
[email protected]