للأسف نواب الأغلبية المعارضة أو النواب المعترضين أو أيا كان المسمى الذي سيحملونه انشغلوا في التفاصيل وتم جرهم عمدا أو سهوا إلى معارك جانبية ستستهلك من وقت ساعتنا الديموقراطية زمنا طويلا، وسيأتي هذا حتما على حساب مشاريع قوانين مهمة ينتظرها الناس، قوانين من أجلها انتخب الناس هؤلاء الأعضاء، انتخبوهم ليحركوا مياه التشريع الراكدة لا ليدخلوا في معارك جانبية ويبحثون عن تفاصيل التفاصيل.
***
الحكومة بريئة من انجرار نواب الأغلبية نحو تلك المعارك الجانبية الصغيرة وان كان هذا الأمر يعجب الحكومة ويروق لها بل ويريحها سياسيا، إلا أن الحكومة لا دخل لها بتوجه نواب المعارضة نحو الدخول في تلك المعارك السياسية الجانبية الصغيرة، فنواب المعارضة هم أنفسهم من أدخلوا أنفسهم والمجلس معهم في تلك المعارك السياسية الجانبية الصغيرة.
***
المعارضة منذ جلسة الافتتاح وانتهاء بجلسة انتخاب اللجان وهي تتكشف سياسيا وتثبت أمام الناس أنها لا تملك القدرة لا على المناورة ولا القدرة على الدخول في صدام لا مع الحكومة ولا مع الموالاة، بل إن ما ثبت رسميا أنها لا تملك العدد الكافي لإحراج الحكومة في أي استجواب سيتقدم به أي من أعضائها.
***
كما ذكرت في مقالي السابق ان المعارضة لا تملك سوى ورقة تقديم الاستجواب، وليس أمامها من وسيلة سياسية لاستعادة توازنها سوى الإعلان عن استجواب، وسر إحراج الحكومة بالنسبة للمعارضة يكمن في اختيار الهدف الذي سيتم استجوابه، والحديث الدائر الآن وشبه المؤكد ان الاستجواب يعد لرئيس الوزراء واعتقد ان هذا قفز بعيد يمكن ان تخسر المعارضة معه وبه الشيء الكثير، وان كان استجوابا مستحقا، والأفضل ان تبدأ المعارضة بالتدرج، كما انه من الأفضل هو ألا تتوجه المعارضة لاستجواب نائب للرئيس، بل الأفضل والأحوط ان يتم استجواب وزير في البداية، وان يتم اختيار وزير يكون حول تكليفه أصلا لغط واضح وان يكون اللغط هو محور الاستجواب.
***
باعتماد المعارضة على التدرج في البدء باستجواب وزير أولا ستكسب نقطة لصالحها، ويمكن معها ان يسقط الوزير بالاستقالة، أما القفز مباشرة نحو استجواب رئيس الوزراء فيعتبر غلطة حتى ان كان الاستجواب مستحقا، ذلك ان الحكومة ستعمل بكل ما لديها لوأد الاستجواب دستوريا، وستتمكن من ذلك ولن تخرج المعارضة سوى بـ «شوية» تصريحات تندد بالإجراء الحكومي ومواقف نواب الموالاة.
***
استهداف وزير باستجواب من محور واحد أفضل للمعارضة على المدى الطويل ومكاسبه وان كانت اقل سياسيا إلا أنها تظل مكاسب، افضل من تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء وخسارته قبل ان يطرح للمناقشة.
***
ليس صحيحا ان استجواب رئيس مجلس الوزراء سيؤدي إلى الحل، فالموالاة النيابية تحذر من هذا الشيء لأنها لا تريد الحل، والمعارضة «البعض منهم» تتمنى الحل، والحل لن يحدث بسبب استجواب الرئيس خاصة أن الحلول أمام الحكومة لمواجهة استجواب رئيسها سهلة واقل تكلفة وأبسطها الإحالة إلى الدستورية او التشريعية.
***
توضيح الواضح: الحكومة رغم أخطائها تتعامل بنضج ووعي سياسي كبيرين مع الأحداث السياسية وهو ما يجعل لها الغلبة، والمعارضة رغم نيتها الإصلاحية تتعامل بشيء من المراهقة السياسية، لذا خسرت كل معركة خاضتها.
***
توضيح الأوضح: نصيحتي للمعارضة وحتى لا تخسر كل ما لديها أن تتدرج في الاستهداف وتبدأ بوزير عادي ثم بعدها تنتقل إلى نائب رئيس ثم إلى الرئيس، طبعا حاشا لله أن أكون محرضا، ولكن هذه السياسة.
[email protected]