رغم أن مجلس الأمة لم ينعقد منذ انتخاب أعضائه جلسة عادية طبيعية واحدة، ومع استقالة الحكومة التي لم تكمل يومها الثلاثين منذ تشكيلها، إلا أن عددا من أعضاء مجلس الأمة تقدموا بأسئلة برلمانية للوزراء، ورغم أن الحكومة لا تزال بوزراء تخليص العاجل، يصر نواب على توجيه الأسئلة مع أنه لا فائدة لها رقابيا وبلا قيمة، بل لا تتجاوز قيمتها قيمة الورق الذي كتبت عليه.
***
تلك الأسئلة من حيث الآلية الرقابية المتاحة أن يقدم النائب سؤالا برلمانيا للوزير المختص على أن يتلقى الإجابة عنه خلال أسبوعين، ومن ثم إذا لم يتلق الرد من حقه أن يحول حزمة أسئلته إلى محور في استجواب يستطيع أن يقدمه للوزير، وهذه القاعدة الرقابية هنا، وهذه في الحالة الطبيعية لوجود حكومة قائمة ووزير قائم بأعمال وزارته، ولكن النواب يوجهونها للوزير تصريف عاجل سيغادر ربما قبل أن تنتهي مدة الأسبوعين القانونية، فبذلك تسقط القيمة والفائدة من أسئلته.
***
هذا الخطأ في الممارسة الرقابية البرلمانية لا أعتقد أنه يخفى على النواب، ولكنه يبدو أنه أسلوب لإبراء الذمة من قبل بعضهم، كأنه يخبر ناخبيه على أنه يؤدي عمله أو ربما ليضم عدد هذه الأسئلة «الفشنك» لرصيد إنجازاته لاحقا في سيرته البرلمانية التي يقدمها لاحقا في أقرب انتخابات أمام ناخبيه.
***
بمناسبة الحديث عن الرقابة البرلمانية لا بد أن نضع نقطة على أحرف المشهد السياسي من أن استجواب رئيس الحكومة ليس استجوابا يقصد من الرقابة، بل هو سياسي بامتياز ولا علاقة له لا برقابة ولا هم يحزنون، الاستجواب كشف أمراً مهماً للمراقبين والمحللين السياسيين من أن الصراع السياسي على النفوذ لم ينته كما كان متوقعا، بل كل ما في الأمر أنه أخذ مسارات أخرى، فهو مستمر وان توقف قليلا لأقل من شهر، ولكنه عاد بمسارات جديدة كما ذكرت واتجاه مختلف ولكن بذات الأساليب والأدوات الديموقراطية نفسها.
***
نعم الصراع مستمر ويقوى يوما بعد آخر، والعارفون ببواطن الأمور والمطلعون على ما وراء الكواليس يعلمون جيدا أن نتيجة الصراع الجديد بداياته رحيل الحكومة بزمن قياسي، وهذا يعني أن الصراع الجديد سيلقي بظلاله على المشهد السياسي، والأكثر كارثية انه سيلقي بظلاله على البرلمان ما سيضر التشريع والرقابة بشكل واضح وهو ما نعيشه الآن.
***
توضيح الواضح:.. وتستمر حروب الوكالة.
[email protected]