عبور الحكومة جلسة الثقة رغم المقاطعة النيابية يثبت ثلاث نقاط أولاها أن الحكومة وإن بدت في حالة الشكل الضعيف الذي تبدو عليه، إلا أنها أثبتت أنها قوية جدا وتجيد لعب السياسة على أرض الواقع، ثانيا أنها تمتلك خيوط اللعبة السياسية باقتدار، أما ثالثا فهو أن المعارضة لا تمتلك العدد الكافي لإحراج الحكومة بأي شكل من الأشكال.
***
كشف هذه الحقيقة في أن الحكومة قوية جدا هو ما أثبتته بشكل واضح في مناورتها السياسية في جلسة القسم، وقد كانت المعارضة تريد على الأقل جرح الحكومة أو إحراجها خلال الجلسة ولكنها فشلت في ذلك.
الحكومة عمدا أو بغير عمد منها أثبتت أنها لاتزال مسيطرة على كامل جوانب المشهد السياسي سياسيا سواء من داخل البرلمان أو من خارجه وأنها تمتلك كامل الخيوط، بل وإنها قادرة على مواجهة أي استجواب.
***
ما الرسالة التي تريد الحكومة إيصالها من خلال الادعاء؟ أنها حكومة متواضعة سياسيا وعلى قدها!، في الحقيقة أنا لا أرى أي رسالة وراء ما تفعله الحكومة من ادعاء ضعفها أو تواضعها سوى أنها تريد أن تجر المعارضة إلى ملعبها والدفع بها على ما يبدو لاستخدام كل أسلحتها والتي حتما ستتساقط تباعا، وعليه لن يخرج أي وزير من الحكومة في مواجهة أي استجواب ما لم تود الحكومة له أن يخرج، أي بالعربي «وزير لا يبونه»
***
الحكومة الآن تلعب سياسة مع المجلس بطريقتها هي لا بطريقة المعارضة، والذي يبدو أن الحكومة تسمح للمعارضة ببدء اللعب على طريقتها «ولهذا تبدو حكومة ضعيفة»، ولكن الحقيقة أن أي معركة سياسية وإن بدت أنها تسير وفق قواعد أعضاء المعارضة، إلا أن الحكومة هي ما تنهيها وبالضربة القاضية.
***
اختصارا، الحكومة في أضعف حالاتها دائما ما تكون أقوى من المعارضة وبفارق كبير، ومن يراهن على ضعف الحكومة فإن رهانه خاسر، على الأقل هذا ما تقوله المؤشرات والنتائج السياسية الأخيرة، ومنها بدء جلسة التصويت على الرئاسة وما تلاها من حسم انتخاب اللجان وما بعدهما، كلها كسبتها الحكومة رغم أن الحكومة بدت لكل المراقبين وكما بدا للرأي العام أنها ضعيفة جدا جدا، إلا أن النتائج تثبت علو كعبها في كل مرة، وستستمر لأنها أقوى بكثير من المجلس.
***
الحكومة تملك التناسق المنطقي وتعمل بفكر واحد، وطبعا تمتلك كل مقومات مفاصل الدولة، أما المعارضة فلا تملك سوى عدد محدود من النواب يفتقدون التنسيق في أبسط مفاهيم القضايا التي ينشدون إثارتها مع الحكومة.
فالحكومة شئت أم أبيت أقوى بكثير من المجلس، والمعارضة إذا أرادت أن تعود للنجاح في أي مسعى لها ضد الحكومة عليها أن تتعامل بواقعية وأن تقر أولا أن الحكومة أقوى بكثير منها، والأهم أن تلعب على وتر الخلاف الحكومي - الحكومي، أي أن تستغل أي خلاف حكومي وتبدأ بإدراج استجوابها من باب خلاف الوزراء، ولن تكون لها فرصة إلا من هذا الباب.
[email protected]