هل تعي الحكومة أي جريمة ارتكبتها بحق مئات من الطلبة ممن تخرجوا حديثا في الثانوية العامة؟
هل تعلم أي جرم تسببت فيه وأي جرح زرعته في جسد مجتمعنا بإهمال شريحة كبيرة من أبنائنا الطلبة؟
شخصيا أعتقد انها تعلم وأعتبرها شريكة في هذه الجريمة، بل مرتكبها الوحيد، لقد حددت نسب القبول في جامعة الكويت بـ (70%) للعلمي و(78%) للأدبي، بل حددت مقاعد القبول بـ 6850 مقعدا فقط، وحددت نسب القبول في كلية التربية الأساسية بنسبة متقاربة وكذلك معهد التكنولوجيا وإن بنسبة أقل قليلا، حتى الجيش والشرطة حددت نسبة القبول الدنيا بـ 70% فإلى أين يتجه بقية الطلبة الناجحين ممن لا تنطبق عليهم شروط القبول في جامعة الكويت أو كليات التعليم التطبيقي؟!
حتما الى الجامعات الخاصة، وأقل رسوم لأي جامعة خاصة بالكويت لا تقل عن 1000 دينار في العام الواحد، طبعا مع الكتب والخدمة التقنية و«اللف والدوران» تصل الى 1700 دينار للطالب الواحد، فتخيلوا رب أسرة كويتية لنفرض انه على رأس عمله ولديه ولدان فقط يدرسان في جامعة خاصة «رخيصة» سيكون مكلفا بدفع 3400 دينار سنويا أي 283 دينارا شهريا، لنفرض ان راتبه يتجاوز الـ 1500 دينار ومع الاستقطاعات والالتزامات والإيجار لا اعتقد انه سيتبقى معه ما يمكن ان يسدد به قيمة الرسوم الجامعية لأحد ولديه، فتخيلوا لو كان موظفا راتبه دون الألف ولديه 3 أبناء يدرسون في جامعات خاصة فماذا سيفعل؟!
وديوان الخدمة المدنية لا يقبل بتسجيل حملة الثانوية العامة، فإلى أين يذهب أبناؤنا في بلد صرفت حكوماته 600 مليون دينار على تطوير مباني جامعتها المتهالكة وهو مبلغ يكفي لبناء جامعتين جديدتين ومخفر نموذجي وسجن جديد ومركزي هجانة ويتبقى منه جزء يمكن ان يبني مستوصفا من 3 أدوار، كما صرفت حكوماتنا المتعاقبة مئات ملايين أخرى على جامعة حكومية اسمها «الشدادية» لم تر النور بعد ولن تراه مادامت تدار بنهج «اخنقوا الشعب واطحنوه»، نعم هذا هو نهج حكومتنا، والا كيف تفسرون ان جامعة حكومية تقف خلفها جميع أجهزة الدولة ولا تبنى أو ينجز منها ولو جزء منها وأثناء سبات الحكومة عن بنيانها ظهرت عشرات الجامعات الخاصة.
لسنا دولة رفاه، والمواطن غير قادر على توفير أبسط حقوق أبنائه في تعليمهم ببركات حكومات تصرف المليارات على مشاريع وهمية أو أسماء مشاريع ولا نرى شيئا منها يقام. لو كانت الحكومة جادة أو بريئة على الأقل لقامت بتأسيس صندوق لتعليم أبنائها الطلبة ممن لم يتمكنوا من الحصول على النسبة المئوية التي تمكنهم من دخول جامعة «هارفارد» الكويت أو معاهد «السوربون» للتعليم التطبيقي.
إنها جريمة لا ترتكب بحق أبنائنا الطلبة فقط، بل بحق مجتمع بأكمله، وغدا سأتحدث عن المسؤول الذي طلب ذات مرة بتخفيض السعة السريرية من المستشفيات الحكومية، والذي أقسم لو انه كان في بلد آخر، لاتهم بجريمة القتل غير المباشر حتى وإن لم يقبل طلبه.
[email protected]