ذعار الرشيدي
قبل شهرين مررت بضائقة مالية طارئة وكان رصيدي بالتمام والكمال 26 دينارا عدا ونقدا، منها 4 دنانير على شكل «أرباع» ودينار عبارة عن خردة، وهي ليست المرة الأولى التي أمر فيها بضائقة مالية من هذا النوع لأسباب خارجة عن إرادتي، كما أن الضائقة المالية التي عصفت بـ «مخباتي» لا علاقة لها بالأزمة العالمية التي ضربت العالم أجمع،، فأزماتي المالية تأتي كرياح السريات تأتي وتذهب فجأة دون مقدمات، فجيبي ولله الحمد يعاني من أزمته العالمية الخاصة حتى منذ ما قبل الاحتلال العراقي، وربما لأنني شخص محظوظ للغاية فأزماتي المالية تحل نفسها بنفسها دون أدنى تدخل من حضرتي، وأنا أعلم أنني لو حاولت حلها لخربتها وزدت طينها بلة و«عفستها» و«لعبت بحسبتها» كما لعب مارادونا بـ «حسبة» دفاع المنتخب الإنجليزي عام 1986.
المهم أن أزمتي حلت كما «تعقدت» أول مرة، وشخصيا كنت ومازلت أعتمد على الحظ في كثير من أموري المالية، والتي كانت تحل نفسها بنفسها، دون أن ألجأ إلى فريق اقتصادي ولا إلى قانون استقرار ولا «استكراد» يصدر بمرسوم ضرورة في غياب العقل التشريعي للأمة.
ولأنني شخص محظوظ فجملة «بكرة أفضل من اليوم» دائما ما تكون صحيحة 100% معي، ولكنها حتما لا تناسب كثيرين ممن حظهم أشبه بحظ «أبو مسامح» الرجل السيئ الحظ في التراث الخليجي.
وكنت أعتقد أنني الوحيد في الكويت الذي يعتمد على حظه في الناحية المالية، ولكنني اكتشفت أن حكومتنا «بكبرها» ومنذ 30 عاما وهي تعيش على الحظ ولا شيء آخر، فلا تصدقوهم إن قالوا لك أن لديهم خططا تنموية أو رؤية لإيجاد مصادر بديلة للنفط أو أنهم ينوون تحويل الكويت إلى مركز مالي، واترك حكاياتهم عن الصناديق السيادية التي تشبه حكايات الجدات، فالكويت نامت في منتصف التسعينيات على أزمة مالية وعجز في الموازنة العامة لتصحو في الأشهر اللاحقة وقد بدأ سعر برميل النفط يقفز إلى مستويات قياسية فمن 7 دولارات للبرميل إلى ما دون حاجز الـ 150 دولارا بقليل، فبالله عليكم أعطوني حكومة أكثر حظا من حكومتنا، حكومة استطاعت أن تكسب من بيع النفط في أربعة أعوام ما لم تكسبه في 40 عاما رغم دخولها خط العجز الخطر ودخولها مرحلة الموت السريري اقتصاديا بتوقف المشاريع التنموية والتفكير في اللجوء إلى صندوق الأجيال لدفع رواتب موظفي الدولة، وهو الأمر الذي تجاوزته الحكومة بقفزات أسعار النفط فجأة ودون تدخل منها طبعا، تماما كما يحدث معي.
وبما أنني والحكومة أصحاب تفكير اقتصادي واحد وننتمي لمدرسة «بكرة أحسن من النهاردة» فأرى من الأفضل أن تمتنع الحكومة عن تقديم أي مشروع اقتصادي ولتدخل على النواب في المجلس القادم بخطة «خلوها على الله» أو خطة «بكرة أحسن من النهاردة» خاصة أن حكومتنا هي أكثر الحكومات العربية حظا على مر التاريخ ولكم في تتبع جميع إنجازاتها الاقتصادية منذ 30 عاما لتعلموا أن البلد «ماشية بالبركة»، حتى نجاتنا من الأزمة المالية العالمية ومحدودية تأثيرها على اقتصادنا راجع إلى تقوقعنا الاقتصادي المزمن ولم يأت نتيجة خطة إنقاذ ولا خطة طوارئ اقتصادية ولا يحزنون، فخلوها على الله.