ذعار الرشيدي
50 ألف شخص تظاهروا في القاهرة، 4 آلاف في الكويت، 25 ألفا في دمشق، مهرجانات خطابية ملأت أصقاع الدول العربية، و«بحسبة بدو» نجد أن أعداد من تكبد مشقة عناء الحضور والانتظار والاستماع لخطب المتجمهرين خلال أيام الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة بلغ نحو 250 مليون بني آدم.
انتهت الخطابات والمؤتمرات إلى تجرح حناجر البعض وإصابة البعض الآخر بـ «لطشة» برد، وتسبب في القاهرة والكويت ودمشق بزحمة عطلت مصالح بعض خلق الله وأغلقت طرقا حيوية إلى العاصمة وتحديدا في الكويت ولأكثر من 3 ساعات وانتهت مجزرة غزة لتبدأ آلام البحث بين ركامها.
لو أن كل مصري جاء إلى المظاهرة في وسط القاهرة توقف عن الذهاب وامتنع وبدلا من أن يدفع 10 جنيه لمواصلاته و5 جنيهات لقزقزة اللب الذي كان ينتشر باعته على أطراف المظاهرة وتبرع بمبلغ الـ 15 جنيها لكان الناتج 750 ألف جنيه مصري.
ولو أن الـ 4 آلاف كويتي دفعوا 10 دنانير التي كانت مصاريف ومشاوير وإشغال الطريق المؤدي من وإلى ساحة الإرادة لكان لدينا 40 ألف دينار كويتي تجمع في ساعتين.
وفي دمشق لو طبقنا ذات المبدأ لجمعنا نحو 100 ألف دولار، وفي الأردن كان يمكن وبذات الطريقة وخلال ساعتين جمع نحو 50 ألف دينار أردني، وفي السودان 400 ألف جنيه سوداني وفي بنغلاديش واندونيسيا وماليزيا وبدلا من حرق عشرات الأمتار من الأقمشة وإشغال الطرقات وتعطيل المصالح كان بالامكان جمع من كل من هذه الدول ما لا يقل عن مليون دولار في ساعتين، أما في جميع الدول العربية والإسلامية فإن مجموع ما كان سيتم جمعه فيما لو استبدلنا الحضور والزحمة والصراخ بالتبرع بمبلغ رمزي لا يقل عن 5 ملايين دولار، أي أننا في خلال 24 ساعة يمكننا أن نجمع على ذات المنوال 120 مليون دولار.
نعم كان يمكن أن نستبدل الصراخ والعويل في مسيرات لا تسمن ولا تغني من جوع بمبلغ محترم جدا، وهذا الاستبدال نسميه الفعل، الفعل الحقيقي، وليس الصراخ الذي لا يخرج عن القول المرسل الذي لا يطعم جائعا ولا يضمد جراح مصاب ولا يعيد شهيدا، أما الفعل والذي يبدو أننا كعرب ومسلمين لا نجيده فيمكننا به عبر هذا التبرع بمبلغ رمزي أن نحقق الكثير وفي يوم واحد فقط.
اجتياح غزة يكلف إسرائيل 3 ملايين دولار يوميا، ونحن فيما لو اتبعنا مبدأ الفعل لاستطعنا تحقيق جمع 120 مليون دولار يوميا، ولو أننا اتبعنا المنطق السليم في التعامل مع الأشياء لكنا انتصرنا منذ عشرات السنين ولكانت إسرائيل في خبر كان.