الحكومة الآن وبالتأخر «غير المبرر» لتشكيلها تتسبب في تعطيل عمل المجلس، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فالحكومة وان كانت تمتلك الحق الدستوري الكامل في ان «تمط» أجل التشكيل لعدم وجود إلزام دستوري يلزمها بوقت محدد لإعلان التشكيل بعد الاستقالة الطبيعية، الا ان ذلك لا يمنحها الحق في ان تستخدم غياب النص الملزم في ان تتأخر كل هذا الوقت.
***
التفسير السياسي المنطقي لاستغلال الحكومة للوقت غير المحدد دستوريا لتشكيلها هو انها تريد إرسال رسالة واضحة للنواب بأنها لن تخرج عن الدستور الذي يمنحها براحا غير محدد من الوقت وفي ذات الوقت تبلغهم بطريقة غير مباشرة بانه في حال اي صدام قادم محتمل فانه يمكنها ان تستغل الثغرات الدستورية من اجل تعطيل اعمال المجلس، حسنا اعتقد شخصيا ان الرسالة قد وصلت، ولكن في حقيقة الامر ان من يدفع الثمن هو نحن المواطنون وليس نواب المعارضة.
***
نواب المعارضة بدورهم شركاء رئيسيون في تعطيل عمل المجلس، فهم من اجبر الحكومة على الاستقالة باستجواباتهم المنتقاة الموجهة والتي لم تحل معضلة ولم ترفع إيقافا ولم ترجع فلسا واحدا لخزينة الدولة، فكل نتاجات الاستجوابات الاخيرة كانت مغامرات سياسية تحت بند الصراع السياسي القائم بين الأقطاب والكتل.
***
أعطني نتيجة إيجابية واحدة لأي استجواب، لا يوجد، فأغلبها استجوابات استعراض للقوة، وكما قلت لم تعدل اعوجاجا او تفرض حلولا حقيقية على ارض الواقع، فالإيقاف الرياضي لم يرفع بعد استجواب الشيخ سلمان الحمود، وأما ما بعد استجواب الشيخ محمد العبد الله فلا شيء يذكر تم حله او تعديله، لأنه بالمنطق البسيط الاستجواب نفسه احتوى على محاور غير محددة للهدف طبعا ناهيك عن عدم دستوريتها.
***
الحكومة ونواب المعارضة شركاء بذات الدرجة في جريمة تعطل عمل المجلس، طبعا اغلب النواب المستقلين شركاء أيضا كونهم صمتوا عن هذا العبث السياسي غير المبرر، الجميع هنا شركاء في تعطيل البرلمان.
***
نعم، برلماننا معطل، نعم قلبنا الديموقراطي النابض توقف عن النبض، وبفعل فاعل، وكما قلت اكثر من جهة ملامة عما يحصل، فالبحث عن المحاور الصدامية يعد سببا رئيسيا للمشكلة التي نعيشها.
***
يا أخي استجوب، ولكن استجوب صح، اما ان يكون الاستجواب جزءا او طرفا او متعلقا بالصراع السياسي فأنت هنا حالك حال الحكومة، ان لم تكن أسوأ منها، فأنت من يدفعها لاتخاذ الإجراءات «الدستورية» لتعطيل اعمال البرلمان.
***
لا احد يشكك في نوايا النواب المستجوبين او من أيدهم في استجواباتهم فهذا جزء اصيل من عملهم، ولكن يا اخي استجوب صح، فالنوايا الطيبة لا تكفي وحدها للتعديل السياسي الذي نأمله منكم، واذا أردت ان تحرجها سياسيا فاحرجها بقضية واضحة ومحددة وليست قضية استهداف، ونحن معكم.
***
بالمناسبة، لا أحد بريء
***
العمل السياسي لا يمكن ان يتطور طالما ان الصراع السياسي غير المعلن لايزال قائما، نحن بحاجة الى إصلاح سياسي شامل وجذري اذا ما أردنا ان تتطور العملية الديموقراطية كما نأمل.
[email protected]