أغلب المؤسسات الحكومية تعاني من اختلالات تستوجب الإصلاح، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، ومعظم تلك الاختلالات ناتجة عن سياسات ادارية قديمة متراكمة تصبح تركة ثقيلة لكل مسؤول جديد يتولى مسؤولية تلك المؤسسة، بعضهم ينجح في إصلاح شيء من تلك الاختلالات وبعض منهم يدعي انه سيصلح وتكون إصلاحاته حبرا على ورق الاستعراض الاعلامي، فيأتي ويرحل وكل إنتاجه مجموعة تصريحات ويبقى الخلل على ما هو عليه.
> > >
وتلك قصة حكومية كويتية معقدة، هناك من يحاول الإصلاح وينجح، وهناك من يدعي الإصلاح وينجح أيضا في ادعائه، وهناك من يأتي ويرحل ولم يغير قيد أنملة، ولكن ما يهمني هو النوع الأول، وأعني ذلك المسؤول الذي يأتي للإصلاح حقا عبر منصبه الجديد في توليه هذه المؤسسة أو تلك، وأحدد المسؤول الذي جاء من مكان وضع فيه بصمته ونجاحاته وأراد أن ينقل تجربته الإصلاحية في منصبه القديم إلى منصبه الجديد، وهم قلة، اذ ان معظم التعيينات القيادية كما يقول سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك: «جاءت بالواسطة».
> > >
الشيخ سلمان الحمود انموذج لمن حاول الإصلاح في مؤسسات تولاها بعد نجاحه في إنجازات سابقة لمناصب تولاها في مؤسسات حولها من غير معروفة إلى مؤسسات ناجحة ولا أدل على ذلك من اتحاد الرماية الذي تولاه الشيخ سلمان الحمود منذ ان كان مجرد لجنة في منتصف الثمانينيات، ومعه تحول النادي إلى مصنع لأبطال الذهب في الرماية خاصة ان تلك اللعبة الرياضية كانت ولم تزل بوابة الكويت الثابتة والدائمة لحصد الميداليات العالمية والقارية أكثر من أي لعبة أخرى، والتي لولا جهود الشيخ سلمان لما كانت كذلك وهذه حقيقة يؤكدها أبطال الرماية الكويتيون.
> > >
ودون الخوض في تفاصيل ما هو معروف، تسلم الحمود وزارة الإعلام والتعديلات التي أجراها على أجهزتها لاتزال حاضرة اليوم فنيا على الأقل نقل التلفزيون من حالة المشاهدة صفر إلى حالة المنافسة فضائيا، وأعاد وهج الإعلام الكويتي بفتح الباب للمبدعين ممن كانوا قد هجروا التلفزيون قبله، نختلف أو نتفق على الطريقة التي اتبعها ولكن براغماتيا النتيجة حتما تأتي في صالح إنجازاته.
رغم انه تسلم «الإعلام» بأجهزتها تركة ثقيلة بعد تعاقبات سريعة لوزراء إعلام مروا سريعا لم يتمكنوا من البقاء للإصلاح.
> > >
تولى إدارة الطيران المدني بعد خروجه من الحكومة اثر حركة سياسية بـ«نيران صديقة»، وبدأ العمل في الطيران المدني تلك التركة الثقيلة جدا جدا، وبدأ كما عمل في الرماية وفي الإعلام من بعده يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه، ولكن يبدو ان «النيران الصديقة» لاتزال تلاحقه رغم خروجه عن طيب خاطر من معركة السياسة تاركا جمالها واحمالها.
> > >
من المنصف ان نقول ان الشيخ سلمان الحمود مشروع إصلاح ناجح وسيرته العملية الذاتية تثبت ذلك، ولكن النيران الصديقة لاتزال مستمرة والدليل الهجوم الممنهج عن طريق تسليط الضوء على اختلالات بسيطة في بعض مرافق الطيران المدني وصرف النظر او التعتيم على إنجازات مثل افتتاح المطار المساند مثلا.
> > >
من المقولات العربية، ان الغرب يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل، في الحقيقة الصورة عندنا في الكويت يمكن ان تغير الجملة الى التالي: نحن نحارب الإصلاحي حتى يفشل، وربما وفي احيان سياسية نحارب الإصلاحي حتى يصبح فاسدا.. وسلامتكم.
[email protected]