غياب المعارضة عن المشهد السياسي أمر غير صحي على الإطلاق، ومن يرى أن قمع المعارضة أو كسرها أو تحطيمها نهائيا هو مكسب سياسي إنما هو مخطئ بحق نفسه وبحق من نصحه بهذا وبحق البلد كاملا، فغياب المعارضة أشبه بغياب الأجسام المقاومة في جسد الإنسان.
> > >
وجود معارضة صاخبة حادة «مؤزمة كما يقولون ويدعون» افضل من عدم وجود معارضة.
> > >
المعارضة هي الشريك المخالف، وهي التي تقوّم انحرافات السلطة وغالبا المعارضة تتشكل من مجموعة من حراس المكتسبات الشعبية، أعجبك ما يقولون أم لم يعجبك فهم في الحالتين يدافعون عن حريتك وديموقراطيتك، وسيدافعون عنك في الحالتين سواء كنت معهم أو ضدهم، لان هدف المعارضة في الغالب - وهنا أتكلم تحديدا في الكويت - كشف الفساد بأنواعه وسواء كانت وسائلهم أو أساليبهم ناعمة أو هادئة فهم في النهاية كانوا «أعني المعارضة الكويتية» سببا في تعديل اعوجاجات سلوكية حكومية خاطئة.
> > >
المعارضة لدينا اليوم في أسوأ حالاتها وأضعفها على الإطلاق وإن كان يرى الحكوميون أن في ذلك انتصارا لمعسكرهم، فهو انتصار مؤقت مكاسبه شخصية في الغالب على المدى القصير، أما على المدى الطويل فهو انتصار سينعكس سلبا على حالة البلد، وفراغ المشهد من المعارضة إنما هو خلو البلد من قطب سياسي مهم، ما يعني اختلالا عاما في المشهد السياسي.
> > >
المصالحة السياسية المنشودة والمأمولة واجبة وليست خيارا كماليا، وأعتقد أن العقلاء يعون هذا جيدا ويرون ان فتح صفحة جديدة مع كل الأطياف باتت قاب قوسين او أدنى من التنفيذ، هنا انت تحب المعارضة او بعض رموزها فتلك مشكلتك، ولكن الواقع يقول إن وجودهم ضروري وحيوي ومهم وهنا لا أعني رموز المعارضة فقط بل اعني ضرورة وجود نفس معارض حي يشارك في العملية الدستورية، وباب المقاطعة يجب أن يقفل وبشكل كامل بطريقة او بأخرى.
> > >
طبعا ليس صحيحا أن البلد شهد نهضة وتنفيذا واسعا للمشاريع بسبب غياب المعارضة عن المشاركة السياسية، فالمشاريع تمت لأنها كانت تنفذ بالطرق الصحيحة وهو جزء من حالة التصحيح التي كانت تدفع به المعارضة.
> > >
عودة المعارضة كما ذكرت ليست خيارا كماليا بل ضرورة واجبة وعودتها جزء من عودة الصورة الكاملة للمشهد السياسي بوضعه الطبيعي، فالمشهد الان ناقص وعلى المدى الطويل ستكون له آثار سيئة على بلد لطالما عرف بانه لا يطير سوى بجناحي الرأي والرأي الآخر.
[email protected]