يكمن سر عظمة الدول الكبرى في تخليد مبدعيها وروادها وتاريخها الذي يعتمد على الانسان، وهذا تلمسه عندما تذهب مثلا الى عاصمة العالم واشنطن وتجد ان كثيرا من المتاحف تعتبر مهمتها الاساسية انها حلقة وصل بين الجيل الحالي ومن سبقه من رواد الجبل السابق، بل انها رصيد ثقافي عظيم لبلد تحتفظ عاصمته في متاحفها وتعرض رواد السياسة والفن بكل أنواعه والعلم والحروب بل وحتى الجاسوسية والصحافة، وكل المتاحف تعرض اسماء الرواد في كل تلك المجالات وتعرض أسماءهم وسيرهم وبطولاتهم وإنجازاتهم.
***
وهنا لدينا فهم خاطئ للمتحف اذ انه بالنسبة لنا مجرد استعراض تاريخي أو قطع تاريخية ويخلوا غالبا من اسماء شخصيات وطنية لها دورها وريادتها في مجالها، بل انه ليست لدينا قاعات شهرة «hall of fame» كما في أميركا التي تختص بعرض صور الرواد من فنانين وعلماء وإعلاميين واجتماعيين وسياسيين لتضمهم قاعة محددة تحتفي بهم وتكون متاحة للجمهور كمتحف مصغر للسير الذاتية لأولئك الذين قدموا لبلادهم وصنعوا جزءا من تاريخها، نحن لا نحتفظ بثقافة من هذا النوع، بل لا نكرم مبدعينا الا بعد رحيلهم وربما يرحلون ولم يكرمهم احد لانهم ليسوا فنانين أو مشاهير جماهيريين.
***
الراحل م. مجبل المطوع رائد من رواد تأسيس الأحواض المائية في المنطقة وليس في الكويت فقط، وهذا محفوظ له ومقدر في مجتمعات الأحواض المائية والمؤسسات المعنية بها، فهو ليس مهندسا مدنيا متخصصا في الإشراف وبناء المعالم الاسمنتية بل هو مؤسس المركز العلمي والمشرف على بنائه ولاحقا اصبح مديره والذي تحول بفضل ادارته الى واحد من انجح المؤسسات شبه الحكومية على الاطلاق فيجمع بين الشكلين العلمي للجمهور والشركة المستقلة التي تمول نفسها بنفسها، وأصبح المركز العلمي انموذجا في النجاح السريع ايضا لمشروع ليس بالتجاري وليس بالمحامي ايضا، وأخذ بشكله وادارته شكل المتاحف الأميركية والغربية عموما، الى درجة ان دولا عربية بدأت تستنسخ الفكرة من الكويت، وجعل الراحل المطوع المركز العلمي حلقة وصل بين الجمهور والعملي جمع بين المتعة الترفيهية وتقديم المادة العلمية، بالاضافة الى تحوله الى وجهة سياحية جاذبة تستقطب مئات الآلاف سنويا من داخل الكويت وخارجها.
***
رجل قدم هذه الأيقونة السياحية العلمية الترفيهية التي كانت بالأصل بفكره وطلب من أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وللأسف أنه الان لا يجد له مكانا من التكريم حتى في وطن انجازه وأعني المركز العلمي، و«الأنباء» في عيدها الاربعين كرمت الراحل مجبل المطوع إبان حياته تقديرا لجهوده وسبقت بذلك جميع الجهات الحكومية والعلمية والمهنية والتي الى اليوم لم تقم بعمل يدل على اي نوع من التكريم الفعلي والحقيقي لرجل بحجم الراحل، ما دفعني للكتابة هو انه عند زيارة المركز وجدت لوحة متحركة لم اعرف ما هي الا بعد خروجنا وهي لوحة متحركة تحمل صورة مجبل المطوع دون أي شيء واضح أو جاذب للزوار للتعريف بـ «صورة من هذه؟»، صورة متحركة الأطراف دون دلالات أو تعريف وكان يجب ان توضع على باب المركز أو في المنتصف وليس في ركن قصي بالكاد ينتبه له احد..
***
الزميل ماضي الخميس كتب في زاويته هنا في «الأنباء» قبل عامين مقترحا على ادارة المركز العلمي أن تنشئ ركنا صغيرا في المركز باسم مجبل المطوع يحتوي على سيرته الذاتية، ومقتنياته الجميلة التي كان يحتفظ بها في مكتبه، ولكن هذا ورغم مرور عامين لم يحصل رغم انه الأب الروحي والفعلي للمركز.
اما الزميلة د. نرمين الحوطي فقد تمنت ان تتم تسمية المركز كله باسم مجبل المطوع وان يتحول الى «مركز مجبل المطوع العلمي» وهو طلب كما أراه مستحقا لشخص صانعه.
***
توضيح الواضح: للأسف ان المركز العلمي وخلال العامين الماضيين بدأ يشهد تراجعا كبيرا على اكثر من مستوى أهمها كما ذكرت في مقال سابق انه خرج من دائرة الضوء الإعلامية وأصبح مجرد تكرار روتيني دون تطوير حقيقي، وهذا مع الوقت سيحيله من واجهة الى متحف قديم وهذا ما لا نريده ولا نتمناه.
***
توضيح الأوضح: هل يعقل ان عرضا يقدم للمركز العلمي للمساهمة في جائزة رمزية تحمل اسم م. مجبل المطوع ويتم رفضها؟! أو بالاصح تجاهلها تماما؟!!!
[email protected]