الشاعر الكبير الراحل مبارك الحديبي عرفته في بداية التسعينيات عندما كنت مراسلا صحافيا لمجلة الرياضة والشباب الإماراتية، والتقيت به أكثر من مرة، ملخص ما اعرفه عنه كما عرفه كل من عاشره وعاصره وعمل معه او التقاه بعمل انه شخص طيب جدا، بل انه ووفق تصوري أطيب شخص يمكن ان تقابله في حياتك، وطيبته تلك تراها من تواضعه اللامتناهي والحقيقي، فرغم انه صانع روائع غنائية شعرية نقلت بأصوات كل فناني الخليج الا أنه يجلس معك وكأنه ليس ذلك الشاعر الغنائي العبقري الذي أثرى المكتبة الغنائية الخليجية بعشرات الأغاني الناجحة والساكنة قلوب الملايين.
****
رحيل الحديبي خسارة كبيرة ومدوية بل وفاجعة حلت على عالم الكلمة المغناة الخليجية، فقد خسر الوسط الغنائي الخليجي خاصة والعربي عامة احد عمالقة كتاب الكلمة الغنائية، فالراحل ترك إرثا شعريا حفظته قلوب الناس طوال 50 عاما ودونتها حناجر المطربين وأصواتهم ووثقتها الأسطوانات في الستينيات والكارترج والأشرطة في السبعينيات والثمانينيات والأشرطة الممغنطة في بداية الألفية واليوتيوب أخيرا.
****
كلماته مرت على أربعة أجيال مختلفة، بل خمسة اجيال اذا ما حسبنا كل عقد جيلا لكل جيل منه ذائقته الخاصة وموسيقاه التي يحبها، ولكن الحديبي استطاع بكلماته ان يعبر الأجيال الأربعة ويضع له في كل جيل بصمة.
****
أتذكر في بداية التسعينيات عندما كانت الحركة النقدية الشبابية في أوجها في الصفحات الفنية كان النقد الشبابي يطال الجميل بلا استثناء ولا رحمة وأحيانا يكون النقد قاسيا جدا، وطال الحديبي بعض من نيران تلك الحركة النقدية كما طال غيره، ولكن الحديبي لم يكن يشتكي من اي مقال نقدي او ضد اي صحافي انتقد عمله او ايا من أغنياته، على عكس كثير من شعراء الأغنية والملحنين والمطربين الذين كانوا يسارعون للشكوى من اي نقد يوجه إليهم في الصحف.
****
رحم الله مبارك الحديبي وأسكنه فسيح جناته وغفر له وتجاوز عنه وفتح على قبره روضة من رياض الجنة.
****
توضيح الواضح: مبارك الحديبي لمن لا يعلم صاحب مدرسة في الكلمة المغناة هو رائدها ومعلمها، ولا أتمنى من المسؤولين عن اي مهرجان شعري قادم سوى ان يقيموا أمسية شعرية تحمل اسمه فهذا ابسط ما يكون لشاعر خسرته القصيدة.
[email protected]