منع «المجون» فيما ورد من ألفاظ وجمل تكون قد وردت في كتاب او رواية أمر «جيد» اذا ما اخذنا ان ذلك يأتي في سياق القانون الذي أقره مجلس الأمة، ولكن لنتساءل هل يطبق ذلك الأمر بالمطلق ام انه انتقائي على الكتب فقط، ثم أليس في محتويات بعض الأغنيات «القديمة» التي تبث عبر الأثير ما يمكن اعتباره «مجونا»؟!، في الحقيقة نعم هناك أغنيات تم بثها وتبث وتعاد ومنها سامريات قديمة تحوي توصيفات «ماجنة» للمرأة بحسب تعريف قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع اللذين تعمل وفق موادهما الرقابة.
****
يمكنني ان أورد تفريغا كتابيا لما سمعته من عدد من الأغنيات التي حوت ألفاظا وأوصافا «ماجنة» وفق القياس الجديد ولكن لا أستطيع لأن قانون المطبوعات سيصطادني اذا ما نقلت، رغم ان تلك الأغنيات كما قلت تم بثها وتبث وستبث لاحقا بشكل رسمي.
****
نعم تلك الأغنيات جزء من التراث الشعبي الغنائي الكويتي، وتحوي شيئا من التفصيل الجسدي «الماجن» للمرأة وفق القياس الحالي طبقا للقانون سيئ الذكر، والأوجب تطبيق القانون على تلك الأغنيات او «قص» الأجزاء الماجنة منها، كما يفعلون مع الروايات والكتب العالمية، ولومي حقيقة ليس على وزارة الإعلام فهي جهة تنفيذية كما فصلت في مقال سابق، تنفذ ما يصدر من قوانين عن مجلس الأمة، بل انه يجب عليها تنفيذ القوانين تلك والا طارت فيها رؤوس قيادييها بتهمة عدم تنفيذ القانون وتم استجوابهم او جعلهم مادة للاستجواب لوزير الإعلام او من يقوم مقامه، لذا اذا ما أردنا ان نعترض على الشكل الرقابي المقيد للحريات بسبب قانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والإلكترونية فعلينا ان نعترض في بيت الأمة وان نوجه لومنا ونقدنا الى أعضاء مجلس الأمة ليتحركوا من اجل تعديل تلك القوانين نحو ما يكفل مزيدا من الحريات التي كفلها الدستور.
****
مشكلة المؤلفين والمغردين والإعلاميين والصحف والقنوات والفنانين لا يجب ان تكون مع رقابة وزارة الإعلام كونها تطبق قانونا صادرا بمرسوم مناط بوزارة الإعلام تنفيذه، بل يجب ان ينقلوا مشكلتهم الى مجلس الأمة والى نواب الأمة لتغيير القوانين وتعديلها، وأهمها قانون الجرائم الإلكترونية الذي جعل من جميع المواطنين «مجرمين محتملين» وخلقت مواده سوقا رائجة للمتكسبين من الشتائم، وجعل كثير من الناس ممن يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي تحت رحمة «الجرجرة» في اروقة التحقيقات والمباحث بسبب رأي، غالبا بسبب رأي.
****
قانون الجرائم الإلكترونية بشكله العام يأخذ طابع تنظيم استخدام التكنولوجيا الحديثة، ولكنه في حقيقة الأمر وكما نرى منذ تطبيقه ووفق الأرقام المعلنة لعدد القضايا ليس بأكثر من وسيلة حكومية لقمع أي رأي لا تريده ووسيلة كسب لمشاهير تخصصوا في رفع قضايا ضد الناس وهو ما أوردته في مقال سابق لي بعنوان «سوق الشتائم الالكترونية»، فالشعب ما يدري يلقاها من الحكومة والا من المشاهير اللي يشتكون عليه بسبب اعتراض او رأي او حتى تغريدة غاضبة من تصرف ذلك المشهور.
****
قانون الجرائم الإلكترونية فتح سوق التعويضات على مصراعيه لكثيرين، وكما قلت سابقا يجب على جمعية المحامين السعي فورا للضغط لتقديم تعديلات توقف فوضى التعويضات وسوء استغلال البعض لقانون الجرائم الإلكترونية، والآن هذا القانون يستغل سياسيا بشكل بشع جدا جدا، حتى ان حرية الرأي ونقل المعلومة وتوعية الناس أصبحت في حدودها الدنيا وهو ما لم تشهده البلاد من قبل حتى قبل ثورة الانترنت ووسائل التواصل.
توضيح الواضح: سأحسن الظن بالحكومة وأقول ان قانون الجرائم الالكترونية وهو متعلق بالحد من حرية التعبير، «جيد» ولكن للأسف وكما يرى الجميع انه تم استغلاله بشكل سيئ من قبل «القلة» لذا اعتقد ان الحكومة مطالبة والمجلس قبلها بتعديله بما يوقف حالة الاستغلال التي تتم من قبل اي طرف سواء كان «سياسيا» او «فاشينيستيا».
[email protected]