بعد طي جزء كبير من ملف الجناسي، وبعد أحداث ما سبق جلسة بدء دور الانعقاد الحالي, وأهمها سحب استجواب رئيس مجلس الوزراء في سابقة حميدة للنائبين المطير والمويزري، والهدوء التام وعودة الأمور إلى شيء من مجاريها، فالوضع السياسي المحلي عاد الى نقطة ما قبل ٢٠١١ ولكن بشكل أكثر عقلانية وأكثر هدوءا.
مجلس الأمة هو البورصة السياسية للبلد، وهكذا يفترض أن تبنى أي قراءة، والبورصة السياسية للبلد عادت خضراء، وهو أمر يدفع للتفاؤل، ويخالف ما توقعه كثيرون طوال فترة الصيف، من ان خللا سياسيا سيؤدي الى صدام بين الأقطاب يؤدي في النهاية إلى تأزيم وبالتالي حل المجلس او الحكومة، يعقبه تغيير جذري في كلا المجلسين، والحقيقة اننا عايشنا لفترات التغييرات السياسية في المجلسين بسبب ضغط سياسي أو صدام ما أو صراع وكانت النتيجة استمرار الضغوط واستمرار الصدام، ولكن الآن وفيما لو حصل تغيير ما - وهو متوقع قريبا - في ظل الهدوء السياسي العام فأعتقد انه سيكون تغييرا ناجحا وحقيقيا ومن مصلحة الجميع لأنه لم يأت نتيجة ضغط او صدام او تسوية سياسية ما لتعديل اعوجاج قائم.
لا نريد ان نستبق الأمور، ولكن التغيير حتمي حتى ولو كان في ظل بورصة سياسية خضراء وصلح سياسي او لنقل تصالح سياسي جاء بشكل منظم، والهدوء الآن لا يعني بالضرورة بقاء الحال على ما هو عليه، وعامة شيء طيب ان نعيش أجواء مصالحة محتملة دون شروط او قيد من أحد، والرسائل المتبادلة بين الحكومة والبرلمان من جهة وبين الحكومة والمعارضة من جهة أخرى تنبئ بانفراجة سياسية ستدوم ولن تكون مجرد هدنة قابلة للكسر في أي وقت.
الخروج من دوامة الصراع أحد نجاحات المرحلة الحالية، والمجلس حاليا يجنح الى الاستقرار داخليا، وكما ذكرت ان الرسائل المتبادلة والمعلنة تشير الى اننا مقبلون على مرحلة رخاء سياسي سينتج عنها استحقاقات كبيرة ستنعكس على سير كل شيء آخر في البلد من تشريع القوانين الى فرض رقابة حقيقية ليس من المجلس فقط بل من الحكومة التي وكما يبدو انها بدأت بشكل جاد ـ وان كان بطيئا ـ في معالجة اختلالات ضعف الرقابة على بعض التجاوزات في بعض الأجهزة، وما قضايا الإحالة الى النيابة بشكل جدي سوى شكل من أشكال الجدية الحكومية في أداء عملها كسلطة تنفيذية.
كما ذكرت التغيير في ظل الهدوء السياسي سيكون الناتج عنه أفضل من تغيير يحدث تحت الضغط، وأيا كان التغيير المرتقب فسيكون أفضل لنا وللبلد ككل.
وانتهاء حالة الصراع خلف الكواليس ها هو ينعكس على واقعنا السياسي، والمجلس الآن أمامه فرصة تاريخية ليعيد بناء الثقة به إلى الأفضل خاصة انه لا عذر لأحد.
توضيح الواضح: أهم ما يميز هذه المرحلة انتهاء حالة الاحتقان السياسي غير المبررة.
[email protected]