لجان التحقيق سواء البرلمانية أو الحكومية ومن خلال نتائجها نجد ان اغلبها كانت لجانا تعتمد عليها الجهات المكلفة لها على الإطالة إلى درجة موت القضية شعبيا، ثم بعدها أيا كانت نتائجها لا أحد ينتبه لها ومصيرها إلى الارشيف، وكأنها كانت بنظام «صلى المصلي لأمر كان يطلبه... فلما انقضى لا صلى ولا صام»، فلجان التحقيق تشكل في لحظة أزمة ما، وعادة ما تكون بسبب خطأ أدى الى قضية رأي عام من النوع الضاغط، ويحدد وقت من شهر إلى شهرين لإنجاز اللجنة لتقريرها، بانقضاء الشهرين يكون المواطن «نسي شنو تعشى أمس»، ومصير تقريرها يكون كما ذكرت الى الحفظ غير المعلن، وان استجوب الامر أعلن جزء من التقرير.
****
لجنة التحقيق المزمع عقدها بخصوص الكوارث التي كشفتها أمطار الفترة الماضية وما أدت اليه من مصائب يجب ان تختلف عن غالبية اللجان فالمسألة تتعدى حدود التجاذبات السياسية وتتجاوز في حجمها وأثرها كل مجاملة يمكن ان يحفظها طرف لآخر.
****
أعتقد ان المسألة هنا مفصلية، ويجب ان تكون كذلك وان تكون كما ذكرت سابقا في مقال عن المحاسبات الفورية أساسا حكوميا شاملا لكل المحاسبات، واعتقد ان الإسراع في إظهار ننائج تقارير اللجنة وكشفها عبر مؤتمرات صحافية متتالية هو نهج مطلوب خلال المرحلة القادمة، ويجب ان تطول الجميع دون استثناء، حتى لو حصل تغيير حكومي جزئي أو موسع أو كلي، فالحكومة يجب ان تستمر في كشف كل ملابسات ما ستكشفه اللجنة.
****
سابقا كان يتندر الساسة بجملة: «اذا أردت طمطمة موضوع ما... فعليك بتشكيل لجنة تحقيق بخصوصه»، فكانت اغلب لجان التحقيق سابقا مبنية على فكرة «صلى المصلي»، وهذا حقيقي وعايشناه سابقا، اليوم ومع اكثر من قضية رأي عام وجدنا ان الحكومة تنحى منحى حميدا في المحاسبة وتشكيل لجنة تحقيق جنبا الى جنب مع إجراءات حاسمة فورية، وهذا نهج جديد لم يكن موجودا من قبل، ولكن استمرارية هذا النهج مهمة جدا، بل ومطلوبة وهي احد حلول معالجة الحكومة لمشكلاتها المزمنة، دون ان تنتظر مجلسا أو صحافة أو رأيا عاما ليحاسبها أو يحركها، هذا نهج جديد لا نريد استمراره فقط بل نريد اكثر، نريد كشف كل شيء علانية، وان تتعهد الحكومة بإعلان ونشر كل نتائج تقرير لحنة التحقيق المزمع بدء عملها في كارثة الأمطار الاخيرة.
****
المسألة ليست في إجراءات تعقب الكارثة من تعويضات وحلول سريعة لأخطاء كارثية فاقمت من المشكلة، بل في طرح نهج حكومي للمحاسبة بشكل فوري وعادل ومنصف لإنهاء حالة الفساد والأخطاء التي أدت إلى تفاقم كارثة كانت لا يحب ابدا ان تكون بهذا الشكل.
****
يشكر رجال الاطفاء والداخلية والجيش والحرس والصحة والاشغال والبلدية والدفاع المدني والمتطوعين على ما اظهروه من حسن تعامل خلال الايام الثلاثة الماضية مع الأحداث، ولكن الحكومة ككل عليها مسؤولية اكبر في ان تعلن تحملها لكل تتبعات الموضوع والتعامل مع الحادثة كمسؤوليتها سياسيا، وتعمل وفق الاعتراف بخطأ حصل نتيجة التراخي في مراقبة مشاريع بنية تحتية في أوقات سابقة.
****
والاستجواب الموجه لرئيس مجلس الوزراء المزمع مناقشته في جلسة 23 نوفمبر سيكون فرصة تاريخية للحكومة لأن تكشف كامل الحقيقة للنواب «إذا أصبحت الجلسة سرية» ولكل الشعب اذا كانت الجلسة علنية، رغم يقيني ان الحكومة وهذه المرة ليس لديها ما تخفيه خاصة أنها باشرت بإجراءات المحاسبة قبل حتى تقديم الاستجواب.
****
توضيح الواضح: هنا سؤال مستحق: غرق منزلي الذي استأجره في مدينة صباح الأحمد (رغم أن بطاقتي لاتزال على عنواني القديم) وأتلفت محتويات الدور الاول بالكامل وأعطبت الأمطار سيارتي أمام منزلي، فكيف سيكون التعويض وانا امام القانون ووفق الأوراق لا اسكن بالمنطقة المتضررة؟!!
[email protected]