الواضح الآن أن الحكومة بدأت تفقد تجانسها، فمع استقالة وزير وتقديم وزير آخر لاستقالته وحديث عن استقالة وزير ثالث يبدو ان السلطة التنفيذية امام تدوير مستحق أو على الاقل اعادة ملء الشواغر التي ستنتج عبر توزير شخصيات، ولكن هذا الحل السهل جدا لا يبدو انه سيكون السيناريو المرتقب في المرحلة القريبة القادمة، فالوضع الآن وليس فقط بسبب الاستقالات يتطلب تغييرا حكوميا شبه جذري، وكنت تحدثت في مقالات سابقة لي في شهر اغسطس الماضي ان التغيير سيطول ٤ حقائب ولكن لم أكن أتوقع ان السيناريو كما يتم الآن باستقالات متتالية ومتوقعة لوزراء، ولكن عامة تبقى محصلة ان هناك تغييرا شبه جذري سيحدث قريبا.
***
تفوق الحكومة سياسيا - خاصة كما ظهر في قدرتها على مواجهة الاستجواب الأخير وإحالته الى الدستورية - لا يعني ان الحكومة قوية أو متجانسة، بل ان المجلس ضعيف، لذا ومن هذا المنطلق الحكومة ليست بأفضل حالاتها من حيث التجانس أو التوافق ما يعني انها عرضة لحدوث خلخلة من الداخل وليس بالضرورة بسبب ضغط نيابي.
***
الحكومة الآن ان فقدت وزيرا آخر ستصبح في خانة الاضطرار لتغيير شبه جذري يطول التشكيل الوزاري برمته، وربما يكون باباً لإعادة تشكيل حكومة جديدة وهو أمر ليس مستبعدا، ولكنه آخر الحلول، فاذا ما استطاعت الحكومة سد النواقص في توزير شخصيات جديدة لشغل مناصب الوزراء المستقيلين، فهذا سيعطيها مجالا للبقاء لفترة جيدة زمنيا قد تستمر معه حتى نهاية دورالانعقاد الحالي، ولكن ان قامت الحكومة ـ وهو المتوقع ـ بتكليف الحقائب الشاغرة لوزراء حاليين فهذا يعني ان الحكومة عمرها الزمني لن يتجاوز الشهرين.
***
القياس السياسي لدينا في الكويت مبني على ثلاث معادلات، الأولى: مجلس قوي وحكومة ضعيفة يعني حل البرلمان، والثانية: مجلس ضعيف وحكومة قوية يعني تغييرات وزارية وبقاء المجلس، والثالثة: مجلس ضعيف وحكومة ضعيفة يعني ترك الأمر مفتوحا للاحتمالين حل المجلس أو تغيير وزاري وهو ما نحن بصدده اليوم، والأقرب هو تغيير حكومي شبه جذري يعيدنا الى نقطة البداية، وان كان يرى البعض ان هذا سيؤدي الى رحيل المجلسين.
***
وبعيدا عن المثاليات، فهناك قوى تسعى لرحيل الحكومة وهذا السعي لا علاقة له بالإصلاح، اذ ان تلك القوى ترى ان في الإصلاح الحكومي الذي يستهدف الفساد تهديدا لمواقعها، وللأمانة الأداء الحكومي في مواجهة الفساد جيد وان كانت تسير بشكل بطيء، ولم يحدث ان واجهت حكومة الفساد كما تفعل الحكومة الحالية، ولكن الواقع السياسي يقول هذا الأمر لا يكفي وان على الحكومة استحقاقات لم تتمكن من تنفيذها وخاصة مع رؤية الشارع ان السيطرة الحكومية على أغلبية مريحة في البرلمان هي ظاهرة غير صحية سياسيا، ويجب ان تتوقف وان يعود البرلمان الى وضعه الطبيعي في المحاسبة والمراقبة.
***
قبول استقالة وزير النفط سيكون الباب الذي سيتحدد بعده مصير الحكومة الحالية
[email protected]