للرئيس الأميركي الراحل جورج بوش الأب صورة في أذهان الكويتيين لا يمكن ان تمحى، وبشيء من الواقعية تحول اسمه وصورته وصوته إلى جزء من الذاكرة الكويتية الحديثة، خاصة انه ارتبط بأهم كارثة حلت بالبلاد، وهي الغزو العراقي الغاشم، وطوال سبعة أشهر كان الكويتيون معلقين ومتعلقين بكل ما يقوله الرجل، تصريحاته في حديقة البيت الأبيض وحديثه الأسبوعي، وأي تصريح له كان يرى الكويتيون، إبان ليالي الأشهر السبعة السوداء، أنه ضوء أمل في سبيل تحرير بلادهم.
***
الرجل الذي يحمل ملامح ولكنة الغرب الأميركي لم يكن بالنسبة لنا مجرد رئيس دولة قادت قوات التحالف لتحرير بلادنا، بل كان أحد أيقونات التحرير وجزءا أصيلا من ذاكرتنا لأسوأ كارثة مرت ببلدنا، بفضل الله كان الأشقاء إلى صفنا والأصدقاء في أزمتنا تلك كثر، فتحررت بلادنا.
***
أهم جملة يحفظها الكويتيون عن ظهر قلب هو حديث الراحل جورج بوش الأب عشية تحرير بلادنا عندما تحدث في الكونغرس موجها جزءا من خطابه لسفيرنا في واشنطن يومها الراحل سعود الناصر قائلا: «السفير الصباح.. الكويت الليلة حرة»، ويمكننا القول اليوم: «والليلة الكويت حزينة لرحيل أحد فرسان وأبطال تحريرها».
***
ربما يعرف الجيل الحالي الخطوط الرئيسية للأحداث، ولكن من عايشوها يعرفون جيدا ماذا كان يعني جورج بوش الأب للكويت والكويتيين، الذي اتخذ قرارا مصيريا في حشد قوات دولية تحت مظلة الأمم المتحدة لدحر العدوان العراقي وتحرير الكويت. ولمن يقرأ التاريخ جيدا يعرف ان قراراته المصيرية والحازمة والسريعة كانت سببا في عدم إطالة مدة الاحتلال عندما كان يرفض بشدة دعوات النظام العراقي لـ«طاولة مفاوضات» لحل «الأزمة»، والتي لو تمت كما أراد النظام العراقي يومها لكنا حتى اليوم من مؤتمر جنيف إلى مؤتمر أوسلو إلى مؤتمر جوهانسبيرغ إلى مؤتمر أوسلو ثلاثة، وهكذا يضيع حقنا بين الدول، ولكن قرارات الرئيس الراحل جورج بوش الأب الحازمة لمواجهة أي «دبلمسة» للاحتلال واتخاذه قرار الحل العسكري كانت سببا في تحرير بلادنا في غضون سبعة أشهر.
***
ربما كما قلت لا يذكر كثير من الكويتيين التفاصيل عن دور الرجل ويعرفون دوره بشكل عام، ولكن الرجل وقراراته سبب في تحرير بلادنا من براثن احتلال كاد أن يبتلعها الى الأبد، ومن يقرأ تاريخ تحركات ما بين أغسطس 1990 حتى يناير 1991 ويطلع على الوثائق السرية التي تم الإفراج عنها فيما يخص تلك المرحلة يعرف تماما ان بوش الاب كان بطلا يستحق احترام الكويتيين وتقديرهم.
***
جورج بوش سيظل في الذاكرة كأحد فرسان تحرير الكويت، ورحيله محزن لنا، خاصة لأولئك الذين عايشوا فترة الاحتلال ساعة بساعة، ولمن يتذكر جيدا في تلك الفترة عندما كانت الأسماع متعلقة بالراديوهات، كان كل ما فتح احد منا حديثا مع الآخر بادره بسؤال:«هااااا شقال بوش؟!».
[email protected]