بالأمس فجعت بخبر وفاة جاري العزيز عبدالله ثاني الرشيدي الذي جاورته في منزله خمس سنوات، في اليوم الذي سبق وفاته كنت أتحدث معه على عجالة وكنت أقول له:«صبغت عشان الكبر ما يبين عليك»، ضحكنا وسأل عن أحوالي وسألته عن أحواله كحال أي جارين يلتقيان، لم أكن اعلم أن ذلك اليوم سيكون اليوم الأخير له واللقاء الأخير لي معه، خمس سنوات منذ بداية معرفتي به لم اره أو اسمع صوته إلا مبتسما، ابتسامته كانت تنم عن رقي نادر وليس عن طيبة فقط، وكان ابو يوسف سيد الرقي.
****
جار كهذا، رحيله جدير بالحزن تماما كجدارة الحزن لرحيل قريب من الدرجة الأولى أخيك أو ابيك أو ابنك، بل ان رحيل رجل بهذا الرقي والكمال الإنساني جدير بالحزن حتى لمن لا يعرفه، كنت معه في الساعة التاسعة صباح ليلة رحيله وقد ابلغني انه استيقظ باكرا لأمر عائلي.
****
برحيل الجار عبدالله ثاني علمت أو تعلمت ان الجيران تماما كالأصدقاء المقربين وتماما كأفراد العائلة وإن لم نكن نشترك معهم في روابط الدم، فإن فقدهم محزن ومؤلم ومؤذ أيضا خاصة ان كانوا مثال رقي أخلاقي نادر كـ «بو يوسف» المبتسم دائما.. المتجدد الشباب.. الهادئ جدا.
****
النبي صلى الله عليه وسلم عندما أوصى خيرا بالجار وحسن الجيرة، اعتقد انه ولعمومية الوصية قصد جميع الجيران دون استثناء الطيب منهم ومن هم دون ذلك، ويعلم الله ان عبدالله ثاني العويمري عمل بالوصية النبوية كما جاءت معي كجار ومع غيري من الجيران والأصدقاء.
****
برحيله تنطفئ نار طيب كانت تضيء في منطقة جابر الأحمد، واعلم ان الناس اخذوا قناعة طيبة عن «جيرة الرشيدي»، ولكن اعتقد من ناحيتي وتجربتي ان جيرة المرحوم عبدالله ثاني العويمري تختزل كل هذا المفهوم بشخصه، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وتجاوز عنه وأبدل سيئاته حسنات وجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا أزكي على الله أحدا ولكن ان كان من شخص يستحق استجابة هذا الدعاء مني أو من غيري فهو ابو يوسف.
****
لا أتذكر انني قلت له شكرا، ربما لأنني كنت أرى أن كلمة شكرا لا تليق بمقام طيبته اللامتناهية، واليوم أجدني مضطرا لأن أقول: «شكرا..ورحمك الله»، ربما لا تسمعها ولكن هي ما في يدي الآن وأنت بين يدي المولى عز وجل.
[email protected]