لدينا مشكلة مزمنة في الكويت أن كل أزماتنا السياسية تدور في فلك صراع متعدد الأطراف، وما أن ينسحب طرف أو يخرج من دائرة الصراع يحل محله طرف آخر أو أطراف أخرى، ويتجدد الصراع ذاته في كل مرة ولكن بلاعبين جدد، ونهاية مرحلة من الصراع يعني بداية مرحلة جديدة، وهذا أمر طبيعي في أي بلد وليس لدينا فقط، ولكن المشكلة هي تمدد تلك الصراعات المتعددة إلى عمق المجتمع واستخدام مكونات المجتمع قصدا أو عرضا في مثل تلك الصراعات وخلق حالة من الاصطفاف المجتمعي طبقا لقواعد الصراع السياسي في كل مرحلة، والتي تأخذ حالات من الاصطفاف الأيديولوجي أو القبلي أو الفئوي كقواعد انطلاق وهنا مشكلتنا، أعني في انسحاب تأثير الصراع السياسي على مكونات المجتمع وخلق نوع من الجمهور السياسي شبيه بالجمهور الرياضي في تعصبه بغير إدراك منه لخطورة «تشجيعه».
وهو ما انعكس سلبا على مخرجات كل انتخابات «ديموقراطية» سواء برلمانية أو انتخابات أندية أو حتى جمعيات نفع عام ونقابات، بل طال الأمر أيضا ووصل إلى انتخابات الجمعيات التعاونية، فاختلطت السياسة بصراعاتها على ما يفترض أن يكون شأنا مجتمعيا خالصا، بل بلغ بالصراع السياسي أن وصل بنا في إحدى مراحله إلى التعيينات في بعض المناصب القيادية بطريقة توزيع الشطرنج للقوى المتصارعة.
هذه الحالة هي التي أنتجت مجلس أمة «ليس مجلسا واحدا» يرى أغلب الشعب أنه لا يمثل طموحاته كما يجب في كل فصل، رغم أنه صنيعة هذا الشعب غير الراضي عنه وعن أدائه.
كل مرة نعتقد أو يتراءى لنا نهاية الأزمة السياسية لدينا ولكن كل مرة تتجدد بشكل آخر ومنحى جديد فالمعارض «يتحوكم» والحكومي «يعارض» والهجوم يصير دفاعا والمدرب يصير حكما.. والجمهور يكمل تشجيعا.
[email protected]