إذا ما زرت مسؤولا في مكتبه وأراد أن يحتفي بك ويضيفك فغالبا ما ستسمعه يقول جملة «جيب قهوة مخصوص يا ولد» وهو ينادي على عامل القهوة، طبعا ستفرح وتنبسط و«تتشقق» لأنه ميزك عن الآخرين وطلب لك القهوة المخصوصة التي لا يقدمها لكل من «هب ودب»، وسيأتي العامل ويقدم لك القهوة «المخصوصة» وستحتسيها وتشعر بنشوة غامرة بأنك مميز ومهم وان هذا المسؤول يضع لك قيمة خاصة.
***
وسواء أنجز ذلك المسؤول معاملتك التي جئت تقدمها له أم لا، فيكفي أنك كنت مميزا جدا وشربت من القهوة «المخصوصة»، وفي حقيقة الأمر انك خدعت وشربت «مقلب» اسمه مقلب القهوة الحكومية الخصوصية، لا توجد قهوة مخصوصة ولا غيرها، فنوع القهوة في كافتيريا أي مؤسسة حكومة متشابه، لا توجد قهوة تقدم لضيوف درجة أولى وضيوف عاديين، كلها واحدة، نوع القهوة واحد، ولكن ذلك المسؤول واغلب المسؤولين معه يستخدمون تلك الجملة «الخادعة» مع معظم الضيوف الذين يأتون اليهم.
***
اعلم ان معظمكم قد وقع ضحية خدعة «جيب قهوة مخصوص» او مرت عليه او سمع بها، ولكن هذه الخدعة تمارسها الحكومة لدينا بشكل آخر، فلكي تميزنا نحن الشعب، تجدها وفي كل أزمة نثيرها او نطرحها او تصبح حالة رأي عام ضاغط مثل أزمة الشوارع، تجد ان الحكومة تقول «جيب واحد لجنة تحقيق مخصوص»، وقبلها «الداو» والتي كانت لجنة التحقيق فيها «مخصوصة جدا» الى درجة اننا شربناها ولم نشعر بطعمها، وبالعافية.
***
كل لجان التحقيق في قضايا من أصغرها حتى اكبرها لم تجد طريقها لحل مشكلة او اعادة حق مسروق او سجن فاسد واحد، وفي كل مرة تشكل الحكومة لجنة تحقيق وكأنها تقول «جيب واحد قهوة مخصوص حق الشعب»، وننبسط و«نتشقق» لان الحكومة قدرتنا وعطتنا «وجه»، وفي الحقيقة انها لم تعطنا سوى وعد سيتبين لنا لاحقا انه مقلب.
[email protected]